وقد لزم جميع الصحابة رضوان الله عنهم هذا النهج القويم، حيث كانوا يقرؤون بما تعلموا، ولا ينكر أحد على أحد قراءته، ثم أن انتشروا في البلاد يعلمون الناس القرآن والدين، " فعلّم كل واحد منهم أهل مصره على ما كان يقرأ على عهد النبي ﷺ، فاختلفت قراءة أهل الأمصار على نحو ما اختلفت قراءة الصحابة الذين علموهم "(١)[٦]).
وبعد سنة واحدة من خلافة عثمان بن عفان ( ت ٣٥ هـ ) رضي الله عنه، أي في حدود سنة خمس وعشرين(٢)[٧])شهد حذيفة بن اليمَان (ت ٣٥ هـ ) رضي الله عنه فتح أَرْمينية وأَذربيجان فوجد الناس مختلفين في القرآن، " ويقول أحدهم للآخر : قراءتي أصح من قراءتك، فأفزعه ذلك(٣)[٨])" فركب حذيفة إلى أمير المؤمنين رضي الله عنهما، فقال :" يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى"(٤)[٩]).
فقام عثمان بن عفان الخليفة الراشد بكتابة المصاحف على اللفظ الذي استقر عليه العمل في العرضة الأخيرة عن النبي ﷺ بمشورة الصحابة رضي الله عنهم واتفاق منهم، فأخذ المسلمون بها وتركوا ما خالفها(٥)[١٠]).

(١)... الإبانة عن معاني القراءات لمكي بن أبي طالب صـ ٣٧.
(٢)... انظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٩/٢٠.
(٣)... النشر في القراءات العشر لابن الجزري ١/٧.
(٤)... من حديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه :" كتاب فضائل القرآن "، " باب جمع القرآن " صـ٨٩٤، رقم الحديث ٤٩٨٧.
(٥) ١٠])انظر المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز لأبي شامة صـ ١٧١.


الصفحة التالية
Icon