المبحث الثاني: تفسيره للقرآن بالسنة.
وتفسير النبي ﷺ هو المصدر الثاني من مصادر التفسير، فإن السنة شارحة للقرآن وموضحة له، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]. فبيان ما في القرآن من إجمال هو مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم، لذا يجب على المفسر إذا وجد التفسير النبوي بطريق صحيح ثابت، ألا يعدو إلى غيره، فإنه - أعني التفسير النبوي هو الطراز الأول لتفسير القرآن.
ولقد اهتم الحافظ ابن حجر بهذا الجانب أيما اهتمام، فقد كان يبذل غاية وسعه في أن يجد حديثا صحيحا في تفسير السورة أو الآية التي تطرق إليها بالكلام والتفسير، وإن لم يجد شيئا من ذلك صرّح به، كما قال في سورة "لإيلاف قريش": أما هذه السورة فلم أر فيها حديثا مرفوعا صحيحا١.
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، ومن ذلك:
ذكر في الفاتحة حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ اليهود ﴿وَلا الضَّالِّينَ﴾ النصارى" ٢.
وفي سورة البقرة، عند قوله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: ٢٣٨] أورد عدة روايات في المراد بالصلاة الوسطى، منها حديث ابن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله ﷺ عن صلاة العصر حتى

١ فتح الباري ٨/٧٣٠.
٢ وهو في مسند الإمام أحمد ٤/٣٧٨-٣٧٩، والترمذي ٢٩٥٤، وغيرهما، انظر: الرواية رقم ٦.


الصفحة التالية
Icon