[١٨٢٧] والثاني: ما أخرجه أيضا من طريق المعتمر بن سليمان ١ وحماد بن سلمة فرّقهما، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية ٢.

١ المعتمر بن سليمان التيمي، أبو محمد البصري، يلقب بالطفيل، ثقة، مات سنة سبع وثمانين ومائة، وقد جاوز الثمانين، أخرج له الجماعة. التقريب ٢/٢٦٣.
٢ فتح الباري ٨/٤٣٩.
أما طريق المعتمر فأخرجها ١٧/١٨٨ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت داود، به.
وأما طريق حماد بن سلمة فأخرجها ١٧/١٨٨ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، به.
قال ابن حجر - بعد أن ذكر أن هذه الطرق وأنها إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا - قال "وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر وهو قوله "ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى"؛ فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره؛ لأنه يستحيل عليه ﷺ أن يزيد في القرآن عمدا ما ليس منه، وكذا سهوا إذا كان مغايرا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته. ثم ذكر - أي ابن حجر - مسالك العلماء في توجيه ذلك، فقال:
فقيل جرى ذلك على لسانه حين أصابته سنة وهو لا يشعر، فلما علم بذلك أحكم الله آياته. وهذا أخرجه الطبري عن قتادة. قال وردّه عياض..
وقيل: إن الشيطان ألجأه إلى أن قال ذلك بغير اختياره. قال: وردّه ابن العربي...
وقيل إن المشركين كانوا إذا ذكروا آلهتم وصفوهم بذلك، فعلق ذلك بحفظه ﷺ فجرى على لسانه لما ذكرهم سهوا. قال: وقد ردّ ذلك عياض...
وقيل لعله قالها توبيخا للكفار. ونقل عن عياض قال: وهذا جائز...
وقيل إنه لما وصل إلى قوله: ﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ خشي المشركون أن يأتي بعدها بشيء يذم آلهتم به، فبادروا إلى ذلك الكلام فخلطوه في تلاوة النبي ﷺ على عادتهم في قولهم ﴿لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ [فصلت: ٢٦]، ونسب ذلك للشيطان لكونه الحامل لهم على ذلك، أو المراد بالشيطان شيطان الإنس.
وقيل: المراد بالغرانيق العلى الملائكة، وكان الكفار يقولون: الملائكة بنات الله ويعبدونها، فسيق ذكر الكل ليردّ عليهم بقوله تعالى: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى﴾ [النجم: ٢١]، =


الصفحة التالية
Icon