هذا الحديث يدور على التابعي الجليل عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بحسب ما أشار إليه الترمذي رحمه الله تعالى، وبحسب ما اطلعت عليه من طرقه، وقد اختلف عليه فيه فرواه الليث بن سعد - وهو من الأئمة الأثبات (١) -
عنه عن يعلى بن مَمْلك عن أم سلمة، ورواه ابن جريج عنه عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي فلم يذكر يعلى بن مَمْلك، ووصله بذكر أم سلمة، واختلف عليه في إسناده، وألفاظه، وقد أعل الترمذي رواية ابن جريج برواية الليث بن سعد وقال :( إنها أصح ) كما تقدم. ويضاف إلى العلة التي ذكرها الإمام الترمذي علل منها : أن ابن جريج مدلس ولم يصرح بالسماع، وقد وصفه جماعة بالتدليس وممن وصفه بالتدليس الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقال :( إذا قال ابن جريج " قال " فاحذره، وإذا قال :"سمعت " أو " سألت " جاء بشيء ليس في النفس منه شئ ).
ومنها : أنه اختلف عليه في إسناد الحديث فرواه في أكثر الروايات كما ذكر الترمذي عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة، بإسقاط الواسطة بين ابن أبي مليكة وأم سلمة فلم يذكر يعلى بن مَمْلك، ورواه مرة أخرى، فزاد فيه ذكر يعلى بن مَمْلك، ولفظ هذه الرواية عن ابن أبي مليكة أن يعلى بن مَمْلك أخبره :( أنه سأل أم سلمة عن صلاة رسول الله ﷺ فقالت : كان يصلي العتمة ثم يسبح ثم يصلي بعدها ما شاء الله من الليل، ثم ينصرف فيرقد مثل ما صلى، ثم يستيقظ من نومه ذلك فيصلي مثل ما نام وصلاته تلك الآخرة تكون إلى الصبح ).
ولا يقال إنها رواية أخرى لأن بين الروايتين توافق واضح في الإسناد وفي المتن وليست فيما يظهر اختصارا لبعض الحديث فقط فإن فيها سؤال يعلى -وهو مقل من الرواية جدا - لأم سلمة رضي الله عنها.

(١) الليث بن سعد أبو الحارث مولى بني فهم ثبت ثقة من الأئمة من نظراء الإمام مالك كثير الحديث فقيه من أغنياء العلماء كثير الصدقات، ( ت : ١٧٥ هـ ) :( الكاشف ( ١ / ترجمة ٤٦٩١وتهذيب التهذيب ٨ / ٤٥٩ ).


الصفحة التالية
Icon