ومنتهى الشرف، وغاية المجد والسبق هو حفظ القرآن الكريم كاملاً لوجه الله تعالى مع العمل به والتمسك بحبله المتين، فقد روى عن رسول الله ﷺ أنه قال: " يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند أخر آية تقرؤها " (١).
وكما يذكر الخطابي وكما جاء في الأثر أن درج الجنة بعدد آي القرآن العظيم، فمن قرأ جزءاً من القرآن كان رقيه في درج الجنة على قدر ذلك، ومن قرأ القرآن كله استولى في رقيه على أقصى درج الجنة في يوم الآخرة، وبذلك يكون منتهى ثواب القارئ للقرآن الكريم عند منتهى قراءته (٢).
ومما يساعد على الحفظ لكتاب الله تعال تقوى الله عز وجل في السر والعلن يقول تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: ٢٨٢).
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾ ((الطلاق: ٢-٣).
وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً﴾ (الطلاق: ٤–٥).
وحفظ القرآن يشمل إقامة حدوده كما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه (٣) لأن إقامة الحدود تشمل فعل المأمورات، وترك المنهيات.

(١) أحمد بن حنبل، مسند أحمد، مرجع سابق، جـ٢، ص ١٩٢.
(٢) المنذري، الترغيب والترهيب، مرجع سابق، جـ٢، ص٣٥٠.
(٣) مجد الدين أبو السعادات المبارك، النهاية في غريب الحديث والأثر، بيروت: المكتبة الإسلامية، ١٤٠٠هـ، ص ٢٧٤.


الصفحة التالية
Icon