للانتفاع به بشرطين وهما أن يكون جامعا للخير وافر العقل والله أعلم
(٩)
هُوَ الْحُرُّ إِنْ كانَ الْحَرِيّ حَوَارِياً لَهُ بِتَحَرّيهِ إلَى أَنْ تَنَبَّلاَ
هو ضمير القارئ المرتضى قصده الذي هو أمة وافر العقل، أو يكون ضمير القارئ مع الإعراض عن تلك الأوصاف لأنه يغني عنها اشتراطها بقوله إن كان الحري أي إن كان الحري بها ولهذا قال بعضهم إن إن بمعنى إذ ولو أراد الناظم ذلك لقال إذ وكان تعليلا والوزن موافق له فلا حاجة إلى ارتكاب ما لم يثبت لغة وإن ثبت فهو لغة بعيدة ضعيفة، فإن قلنا هو ضمير القارئ بصفاته فكل بيت كأنه تأكيد لما قبله وإن قلنا هو ضمير القارئ مطلقا كان كل بيت مستقلا بالغرض من وصفه بما يستحق به الإمامة والحرية، على أني أقول قوله بتحريه صلة الحري وليس المراد الحري بها بل الحري بالتحري وقوله حواريا له معترض بينهما والحر الخالص من الرق أي لم تسترقه دنياه ولم يستعبده هواه لأنه لما تحقق بتدبر القرآن وفهم معانيه صغرت في عينه الدنيا وأهلها كقوله تعالى (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو)-(وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)، (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان)-(ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى)، إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى وما أحسن ما قاله الشاطبي رحمه الله من قصيدة له، (لمن يترك القراء ورد فراته ورودا من الدنيا أجاج المشارب)، (ولو سمع القراء حين اقترائهم لفي آل عمران كنوز المطالب)، (بها ينظر الدنيا بعين احتقارها فقيه المعاني غير عاني الذوائب)، يعني قوله تعالى (زين للناس حب الشهوات) إلى قوله (ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب)، وما أحلى قوله فقيه المعاني يعني من أعطاه الله فهما وفقها في معاني القرآن العزيز فهذا هو الذي يحتقر الدنيا عند تلاوته لهذه الآية ونظائرها لا الفقيه الذي هو أسير الذوائب المتقيد