اعلم أنه أتى في مثل هذا البيت الذي يذكر فيه كلما لأجل حروف أوائلها تضمنها معاني قصدها من غزل ومواعظ لئلا يبقى كلاما منتظما صورة لا معنى تحته وقد ضمن هذا البيت التغزل بامرأة من نساء الآخرة وسماها شفا وقد سمت العرب بذلك النساء وكثر في أمهات القرشيين وهو ممدود وقصره ضرورة ولم ينونه لأنه جعله علما على مؤنث وقوله لم تضق نفسا أي أنها حسنة الخلق ونصب نفسا على التمييز ورم أي اطلب بها أي بوصلها وقربها دواء ضن وقصر دواء ضرورة أي دواء رجل ضن على أنه اسم منقوص ولو قال ضنا بالفتح على أنه مقصور لكان معناه أيضا حسنا والضنا بالقصر المرض يقال منه ضنى بالكسر ضنا شديدا فهو رجل ضنا وضن مثل حرا وحر قاله الجوهري ومعنى ثوى أقام وسأى على وزن رأى مقلوب ساء على وزن جاء وهو بمعناه ومثله له نأى وناء أي ساءت حاله من أجل الضنا أو كانت مساءته ناشئة من الضنا وقوله قد جلا أي كشف الضنا أمره فالضمير في ثوى ومنه وجلا للضنا الدال عليه لفظ ضن وفي كان وسآى لضن وهذه جمل أتى بها من غير حرف عطف استئنافا لا أخبارا بعد أخبار كقوله تعالى (يدبر الأمر يفصل الآيات)-(الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان)، وقيل المعنى سأى من يرى ذلك منه أو ساءه الضنا على أن من زائدة وسيذكر كل حرف من هذه الستة عشر فيما ذا يدغم ولكن لم يلتزم ترتيب ما في هذا البيت بل أتى به على ترتيب صاحب التيسير ولم يمكنه جمع الحروف على ذلك الترتيب في بيت له معنى مستقيم فخالف الترتيب في جميع حروفها ثم شرط في إدغام هذه الحروف الستة عشر أن تكون سالمة من أربعة أوصاف فقال
(١٣٨)
إِذَا لَمْ يُنَوَّنْ أَوْ يَكُنْ تَا مُخَاطَبٍ وَمَا لَيْسَ مَجْزُومًا وَلاَ مُتَثَقِّلاَ


الصفحة التالية
Icon