وتدبره بعقلك وعلمك ونزل كل شيء في منزلته ولا تزله عن مرتبته، وقد نقلت في الشرح الكبير، من كلام المصنفين في ذلك عبارات كثيرة مختلفة ولله الحمد، ثم ذلك القاعدة الثالثة فقال
(١٥٦)
وَإِدْغَامُ حَرْفٍ قَبْلَهُ صَحَّ سَاكِنٌ عَسِيرٌ وَبِالإِخْفَاءِ طَبَّقَ مَفْصِلاَ
أي إدغام الحرف الذي قبله حرف صحيح ساكن عسير أي يعسر النطق به وتعسر الدلالة على صحته لأنه يؤدي إلى الجمع بين الساكنين لأن الحرف المدغم لا بد من تسكينه وقوله عسير خبر المبتدإ الذي هو إدغام حرف وقوله قبله صح ساكن جملة في موضع الصفة لحرف، واحترز بقوله صح ساكن عما قبله ساكن ليس بحرف صحيح بل هو حرف مد فإن الإدغام يصح معه نحو(فيه هدى)-(وقال لهم)، ويقول ربنا وكذا إذا انفتح ما قبل الواو والياء (قوم موسى)، كيف فعل فإن في ذلك من المد ما يفصل بين الساكنين، وأما ما قبله ساكن صحيح فلا يتأتى إدغامه إلا بتحريك ما قبله وإن خفيت الحركة فإن لم يحرك انحذف الحرف الذي تسكنه للإدغام وأنت تظن أنه مدغم ودليل ذلك أن العرب إذا أدغمت نحو ذلك في الكلمة الواحدة حركت الساكن نحو استعد واستعف ولذلك لما أجمع على إدغام الميم في مثلها في، (فنعما هي)، كسرت العين وهي ساكنة في غير هذا الموضع نحو (نعم العبد)، فإذا ثبت أن ذلك ممتنع الإدغام لم يبق فيه إلا الإظهار أو الروم السابق ذكره وهو النطق ببعض الحركة ويعبر عنه بالاختلاس وبالإخفاء فهذه العبارات كلها صحيحة والتعبير عنه بالإدغام تجوز، قال الجوهري في (شهر رمضان)، إنما هو بحركة مختلسة ولا يجوز أن تكون الراء الأولى ساكنة لأن الهاء قبلها ساكنة فيؤدي إلى الجمع بين الساكنين في الوصل من غير أن يكون قبلها حرف لين وهذا غير موجود في شيء من لغات العرب وكذا (إنا نحن نزلنا الذكر) و(أمن لا يهدي) و( يخصمون) وأشباه ذلك قال ولا معتبر بقول القراء إن هذا ونحوه مدغم لأنهم لا يحصلون هذا الباب والضمير في طبق للقارئ


الصفحة التالية
Icon