كنى عن القارئ بالفتى وصفا له بالفتوة وهي خلق جميل يجمع أنواعا من مكارم الأخلاق ويرتاع أي يفزع والهاء في ظلماته للفتى أي في ظلماته الناشئة من القبر ووحشته وإنما أضافها إليه لملابستها له وكونه فيها، فقوله من القبر على هذا في موضع الحال من الظلمات أي صادرة من القبر، ويجوز أن يكون كنى بالظلمات عن أعماله السيئة فيكون من القبر على هذا متصلا بيلقاه أي يلقاه القرآن من القبر أي يأتيه من تلك الجهة، ويجوز أن يكون التقدير يرتاع من القبر كائنا في ظلماته، ويجوز أن يكون قوله في ظلماته من القبر واردا على طريقة القلب لأمن الإلباس أي يرتاع في القبر من ظلماته والهاء في يلقاه للفتى أو للقرآن العزيز لأن كل واحد منهما يلقى الآخر، والسنا بالقصر الضوء، والسناء بالمد الرفعة والمتهلل الباش المسرور وكلاهما حال من القرآن أي يلقى القرآن الفتى في حال إضاءته وبشاشته أي ذا سنا أي مستنيرا، ويجوز أن يكون متهللا صفة لسنا، وفي جامع الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ضرب بعض أصحاب النبي ﷺ خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر فإذا هو قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي ﷺ فأعلمه فقال النبي ﷺ هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر، وفي كتاب ابن أبي شيبة وأول كتاب الوقف والابتدا لابن الأنباري آثار في فضل قارئ القرآن العامل به ذكرنا بعضها في الكتاب الكبير والله أعلم
(١٣)
هُنَالِكَ يَهْنِيهِ مَقِيلاً وَرَوْضَةً وَمِنْ أَجْلِهِ فِي ذِرْوَةِ الْعِزّ يجتُلَى


الصفحة التالية
Icon