شفعت أي جعلت شفعا بزيادة همزة التوبيخ عليها ابن كثير وابن عامر يقرآنها بهمزتين وكل واحد منهما على أصله من التحقيق والتسهيل وإدخال الألف بينهما على ما يأتي فالتحقيق لابن ذكوان، ولهشام التسهيل وإدخال الألف ولابن كثير التسهيل من غير ألف ولم أر في تصانيف من تقدم الناظم من ذكر لهشام التحقيق هنا فإن كان فالمد معه ولكن ليس هذا مما يؤخذ قياسا ألا ترى أن ابن عامر بكماله شفع في نون مع التسهيل كما يأتي، وظاهر نظم الشاطبي أن وجه التحقيق لهشام يجري هنا لإطلاقه القول في ذلك وإجماله له مع أنه بين الذي في سورة ن وللحافظ أبي عمرو الداني رحمه الله كتاب مستقل في إيضاح مذاهب القراء في الهمزتين الملتقيتين في كلمة أو كلمتين متفقتين أو مختلفتين فحكى فيه عن ابن ذكوان في (ءأذهبتم)، وجهين أحدهما تحقيق الهمزتين والثاني بهمزة ومدة، قال واختلف أصحاب هشام عنه فروى الحلواني عنه بهمزة مطولة قال يعني أنه حقق همزة الاستفهام وسهل همزة القطع بعدها فجعلها بين بين وأدخل ألفا فاصلة بينهما طردا لمذهبه في سائر الاستفهام، وقال أحمد ابن يونس حدثنا هشام عن أصحابه عن ابن عامر-أأذهبتم-بهمزتين ولم يذكر فصلا بينهما، قلت ولم يذكر تحقيقا ولا تسهيلا والظاهر التسهيل توفيقا بين الروايتين ويصدق على ذلك إطلاق عبارة الهمزتين، قال الداني وقياس رواية إبراهيم بن عباد عن هشام أن يحققها ويفصل بألف بينهما وقوله كما دامت نعت لمصدر محذوف أي شفعت تشفيعا دائما دواما كدوام همزة-أذهبتم-في نفسها أي ثابتا ثباتا كثباتها، والمعنى أن ثبات التشفيع في قراءة ابن عامر وابن كثير كثبات همزة أذهبتم لا تبرح ولا تذهب أو شفعت بأخرى دائمة كدوامها فتواصلا وصالا موصلا ينقله بعض القراء إلى بعض، وقيل كما دامت كذلك مشفعة بهمزة التوبيخ مواصلة لها في مواضع كثيرة نحو (ءأشفقتم)، ويؤيده قوله في آخر السورة (أليس هذا بالحق) ولا يمتنع الاستفهام بطريق التوبيخ


الصفحة التالية
Icon