عليك بها إغراء وحث أي الزم هذه الصفات والصق بها وبادر إليها مدة حياتك منافسا فيها غيرك والمنافسة المزاحمة في الشيء رغبة فيه ومنافسا حال من الضمير في الإغراء وقيل من التاء في عشت وهو وهم ولك أن تجعل فيها من صلة عشت والضمير للدنيا وإن لم يجر لها ذكر لأن لفظ عشت يدل عليها والدنيا التي وصف بها النفس تأنيث الأدنى الذي هو الحقير الخسيس وإنما وصفها بذلك لاتضاعها مبدأ ومآلا كما قال، (ما بال من أوله نطفة وجيفة آخره يفخر)، (لا فخر إلا فخر أهل التقى غدا إذا ضمهم المحشر)، والأنفاس جمع نفس بفتح الفاء أي بأرواح طيبها التي هي علا في المبدإ والمآل والهاء في أنفاسها تعود إلى حلاهم، والعلا بضم العين والقصر له معنيان، أحدهما أن يكون جمع عليا تأنيث أعلى فيطابق موصوفه لفظا ومعنى، والثاني أن يكون مفردا بمعنى العلاء بالفتح والمد فيكون وصف الأنفاس بالعلاء على هذا من باب رجل عدل والتقدير ذوات العلا فالوجه الأول أولى وهذا البيت بديع اللفظ جليل المعنى يشم من رائحته أن ناظمه كان من أولياء الله رحمه الله تعالى، ثم أثنى على علماء القراءة فقال
(٢٠)
جَزَى اللهُ بِالْخَيْرَاتِ عَنَّا أَئِمَّةً لَنَا نَقَلُوا القُرْآنَ عَذْباً وَسَلْسَلاَ


الصفحة التالية
Icon