أي فمن تلك الأئمة الناقلين للقرآن على الوجه المرضي سبعة من صفتهم كيت وكيت جعلهم كالبدو في علو منزلتهم عند الناس واتساع علمهم وكثرة الانتفاع بهم وشهرتهم، وقد تقدم ذكرهم وذكر طائفة من الأئمة في خطبة هذا الكتاب وستأتي أبيات في نظم البدور السبعة وأصحابهم وفي السبعة يقول أبو مزاحم الخاقاني، (وإن لنا أخذ القراءة سنة عن الأولين المقرنين ذوي الستر)، (فللسبعة القراء حق على الورى لإقرائهم قرآن ربهم الوتر)، (فبالحرمين ابن الكثير ونافع وبالبصرة ابن للعلاء أبو عمرو)، (وبالشام عبد الله وهو ابن عامر وعاصم الكوفي وهو أبو بكر)، (وحمزة أيضا والكسائي بعده أخو الحذق بالقرآن والنحو والشعر)، والعلا بمعنى العلاء الممدود وهو الرفعة والشرف أو يكون جمع عليا فتكون على حذف الموصوف أي سماء المناقب العلا استعار للعلى والعدل سماء وجعل هذه البدور متوسطة لتلك السماء في حال كونها زاهرة أي مضيئة كاملة من غير نقص مبالغة في وصفهم لأن القمر إذا توسط السماء في حال كماله وتمامه وقوة نوره سالما مما يستر ضوءه كان ذلك اشرف أحواله وأعظم لانتفاع الخلق به فهم أتم نورا وأعم ضوءا وزهرا جمع أزهر أو زاهر كأحمر وحمر وبازل وبزل يقال زهر إذا أضاء فهو زاهر وأزهر على المبالغة ولذلك قيل للقمر أزهر وللرجل المشرق الوجه أيضا وهو منصوب على الحال من فاعل توسطت وكملا عطف وهو جمع كامل، فإن قلت لفظ الدبر يشعر بالكمال فما معنى هذه الحال، قلت أراد كمال أمره من سلامته مما يشينه من خسوف وغيره لا كمال جرمه وقال فيهم أبو عمر والداني، (فهؤلاء السبعة الأئمة هم الذين نصحوا للأمّه)، (ونقلوا إليهم الحروفا ودونوا الصحيح والمعروفا)، (وميزوا الخطأ والتصحيفاً واطَّرحوا الواهي والضعيفا)، (ونبذوا القياس والآراء وسلكوا المحجة البيضاء)، (بالاقتداء بالسادة الأخيار والبحث والتفتيش للآثار اهـ والله أعلم
(٢٢)


الصفحة التالية
Icon