الألفين أميلا لإمالة الألفين تبعا لهما والتعبير بذلك في الراء أقرب منه في الهمزة لأن الراء في الجملة قد أميلت حيث لا ألف مجاورة لها كما يأتي في باب ترقيق الراءات في (رءا القمر)، في الوصل وبه قرأ حمزة أمال الراء والألف بعدها وقد تجوز الناظم أيضا بهذه العبارة فيه هنا عن إمالة الألف الذي بعد الراء بإمالة الراء فقال وراء تراءا فاز أي إضجاعها أو فاء بالإمالة وعبر في سورة الأنعام في نحو (رءا كوكبا)-(ورأى القمر)، عن إمالة الألف بإمالة الهمزة فقال وفي همزه حسن وقال وقل في الهمز خلف مع أن الهمز لو تجرد عن الألف لم تقع فيه إمالة أبدا وإنما أماله من أمال في الوصل في (رءا القمر)، نظرا إلى الأصل ولم يعتد بعارض حذف الألف للساكن وسيأتي الكلام في نحو هذا في آخر هذا الباب ولما لم يكن هذا المذهب في قراءة حمزة في (رءا القمر)، بل اقتصر على إمالة الراء فعل مثل ذلك في (تراءا الجمعان)، في الوصل فأمال الراء دون الهمزة وأما (أعمى)، الأول في سورة الإسراء فأماله أبو عمرو موافقا لصحبة وخالفهم في الثاني كما سبق إما جمعا بين اللغتين وإما لفرق ذكروه وهو أن الثاني عنده أفعل التفضيل فكأن ألفه لم يقع طرفا لافتقاره إلى من المقدرة وصاغ ذلك لأنه من العمى المجازي وهو عمي القلب دون الحقيقي الذي هو عمى العين فلهذا بنى أفعل منه أي من كان جاهلا للحق في الدنيا فهو في الآخرة أجهل وأضل ومن أمالهما أو فتحهما سوى بينهما وإن اختلفا في المعنى لأن الألف فيهما عن ياء ولهم أن يقولوا ليس الثاني أفعل تفضيل بل هو اسم فاعل من العمى كالأول أي من كان أعمى في الدنيا عن الحق فهو أعمى أيضا في الآخرة وعند هذا يجوز أن يكون من العمى المجازي كالأول ويجوز أن يكون حقيقة كما في قوله تعالى في طه (ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) فهذا دليل على أنه عمى العين إذ كان بصيرا بها قبل ذلك ولم يكن المذكور بصيرا


الصفحة التالية
Icon