أي هكذا رسمتا فقف على هذه الصورة لجميع القراء إلا الكسائي وأبا عمرو فإن الكسائي وقف على الياء لأنه جعل (وى-كلمة-و-كأن-كلمة)، ووى كلمة يقولها المتندم والمتعجب ووجه الكاف بعدها تشبيه الحالة الراهنة بحال الوقوع لحصول اليقين والمتيقن كالمعاين، قلت تقدير البيت، (كأنك بالدنيا غير كائنة ) أي غير موجودة أي إنها ذاهبة واجبة الذهاب، (وكأنك بالآخرة غير زائلة ) أي إذا وجدت فهي واجبة الدوام والله أعلم، ومن قوله عليه الصلاة والسلام كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل، وقول امرؤ القيس، (كأني لم أركب جوادا للذة )، وقول عبد يغوث بن وقاص، (كأني لم أركب جوادا ولم أقل )، وقول الجرهمي، (كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر)، ووقف أبو عمرو على الكاف جعل (ويك)، كلمة ويكون أصلها ويلك حذفت منها اللام وهي لغة، قال عنترة، (ولقد شفا نفسي وأيرأ سقمها قيل الفوارس ويك عنتر أقدم)، وقال آخر، (ألا ويك المسرة لا تدوم ولا يبقى على البوسى النعيم)، وفتح أن بعدها على إضمار اعلم أو إضمار لام الجر أي لأنه، وقراءة الجماعة تحتمل معنى قراءة الكسائي ومعنى قراءة أبي عمرو قال أبو الفتح بن جني في باب توجه اللفظ الواحد إلى معنيين اثنين من ذلك قوله تعالى (ويكأنه لا يفلح الكافرون)، مذهب الخليل وسيبويه فيه أنه (وى)، مفصول وهو اسم سمى به الفعل في الخبر وهو اسم أعجب ثم قال مبتدئا (كأنه لا يفلح الكافرون) وأنشد فيه، (وى كأن من يكن له نشب يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضر) وذهب أبو الحسن فيه إلى أنه (ويك)، أراد بويك أعجب أي اعجب لسوء اختيارهم فعلق أن بما في ويك من معنى الفعل وجعل الكاف حرف خطاب بمنزلة كاف ذلك وهنالك قال أبو علي ناصرا لقول سيبويه قد جاءت كأن كالزائدة وأنشد بيت عمر، (كأنني حين أمسي لا يكلمني ذو بغية يشتهي ما ليس موجودا) أي أنا كذلك وكذلك قوله (كأنه لا يفلح الكافرون)، أي هم لا


الصفحة التالية
Icon