يريد أن الناس قد تغيروا وفسدوا وساءت مقاصدهم وكثر نفاقهم فقل من يوثق به منهم أو يسلم من أذاهم، وقد أدركنا الزمان الذي أخبر عنه المصطفى ﷺ فيما رواه أبو ثعلبة الخشني عنه قال ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع العوام فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر، أخرجهما الترمذي وقال حديث حسن غريب، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ إن من بعدي أيام الصبر المتمسك فيهن بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين عاملا، وقوله من لك بكذا جملة استفهامية تستعمل فيما يستبعد وقوعه وتقديره من يسمح لك به، فمعنى البيت من يسمح لك بحصول الحالة التي هي كقبض على جمر وحصولها هو القيام فيها بحقوق الله تعالى، وقد ذكر الشيخ الشاطبي رحمه الله زمان الصبر في قصيدة أخرى له فقال، (إلى الله أشكو وحدتي في مصائبي وهذا زمان الصبر لو كنت حازما)، (عليك بالاسترجاع إنك فاقد حياة العلى وابغ السلو منادما)، أي عليك بقولك (إنا لله وإنا إليه راجعون)، على فقدك لحياة العلى ونادم السلو عنها فقد أيست منها
(٨٢)
وَلَوْ أَنَّ عَيْناً سَاعَدتْ لتَوَكَّغَتْ سَحَائِبُهَا بِالدَّمْعِ دِيماً وَهُطّلاَ


الصفحة التالية
Icon