أي استعذ معتمدا على ما أتى في سورة النحل دليلا ولفظا وهو قوله سبحانه وتعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)، فهذا اللفظ هو أدنى الكمال في الخروج عن عهدة الأمر بذلك ولو نقص منه بأن قال أعوذ بالله من الشيطان ولم يقل الرجيم كان مستعيذا ولم يكن آتيا باللفظ الكامل في ذلك ويسرا مصدر في موضع الحال من فاعل أتى أي أتى ذا يسر، أي سهلا ميسرا وتيسره قلة كلماته فهو أيسر لفظا من غيره على ما سنذكره وزاد يتعدى إلى مفعولين نحو قوله تعالى (وزدناهم هدى)، والمفعول الأول هنا محذوف أي وإن تزد لفظ الاستعاذة تنزيها أي لفظ تنزيه يريد بذلك أن تذكر صفة من صفات الله تعالى تثني عليه بها سواء كانت صفة سلب أو ثبوت نحو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم أو أعوذ بالله السميع العليم فكل صفة أثبتها له فقد نزهته عن الاتصاف بضدها وقوله لربك متعلق بتنزيها ولا يمتنع ذلك من جهة كونه مصدرا فلا يتقدم معموله عليه فإن هذه القاعدة مخالفة في الظروف لاتساع العرب فيها وتجويزها من الأحكام فيها ما لم تجوزه في غيرها، وقد ذكرت ذلك في نظم المفصل وقررناه في الشرح الكبير، ومن منع هذا قدر لأجل تعظيم ربك وقيل لربك هو المفعول الأول دخلت اللام زائدة أي وإن تزد ربك تنزيها وقوله فلست مجهلا أي منسوبا إلى الجهل لأن ذلك كله صواب مروي وليس في الكتاب ولا في السنة الثابتة ما يرد ذلك
(٩٧)
وَقَدْ ذَكَرُوا لَفْظَ الرَّسُولِ فَلَمْ يَزِدْ وَلَوْ صَحَّ هذَا النَّقْلُ لَمْ يُبْقِ مُجْمَلاَ


الصفحة التالية
Icon