ومسألة يجوز فيها الوجهان وضابطها أن يكون أحدهما مستلزما للآخر، فمن المطابقة قوله عليه الصلاة والسلام: "حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" ١ ولو قيل: مما سواه اكتفى به، لأن محبة الله سبحانه وتعالى مستلزمة لمحبة رسوله وبالعكس.
ومن مجيئه مفردا ﴿والله ورسولُه أحقّ أن يرضُوه﴾ ٢، وقول حسان:

إن شرخ الشباب والشعر الأسـ ود ما لم يعاص كان جنونا٣
[الخفيف]
مسألة: ما وجه قراءة بعضهم ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ﴾ ٤ بكسر الياء، وما توجيه قراءة الجماعة بالفتح؟
الجواب: أما القراءة الأولى لها وجهان:
أحدهما: أن ياء الجمع أدغمت في ياء الإضافة الساكنة، فلما التقى ساكنان كسر الثاني. كما يقال غير.
والثاني: أن قطربا٥ حكى أن لغة بني يربوع أنهم يزيدون ياء للمد
١ تمام الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) رواه البخاري.
٢ سورة التوبة من الآية ٦٢.
٣ البيت لحسان بن ثابت الأنصاري. وهو مطلع عنوانها شرخ الشباب جنون. وشرخ الشباب أوله. يعاص أي يعص. (ديوانه ص ٢٥٢ ط. بيروت).
٤ سورة إبراهيم من الآية ٢٢ وتمامها ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
٥ قطرب: محمد بن المستنير بن أحمد، أبو علي، الشهير بقطرب: نحوي عالم بالأدب واللغة من أهل البصرة، من الموالي. وقطرب لقب دعاه به أستاذه سيبويه فلزمه، توفي سنة ٢٠٦ هـ = ٨٢١ م.
(وفيات الأعيان جـ ١ ص ٤٩٤ وتاريخ بغداد جـ ٣ ص ٢٩٨ وطبقات النحويين ص ١٠٦ وبغية الوعاة ص ١٠٤ ونزهة الألبا ص ١١٩ وفهرست ابن النديم ص ٥٢ وشذرات الذهب جـ ٢ ص ١٥).


الصفحة التالية
Icon