والوجه الثاني: أن يكون اللام لام التوطئة، وما شرطية، وآتيتكم في موضع جزم لأنه فعل الشرط وجاءكم كذلك، لأنه معطوف عليه وعلى هذا فما مفعول لآتيتكم قدم لأن لها الصدر، وليس مبتدأ لأن ذلك يؤدي إلى تهيئة العامل للعمل، وقطعه عنه، فلهذا لا يجوز (زيد ضربت) عند البصريين إلا في الضرورة. و [١٢ أ] الضمير المجرور بالياء يعود على ما قطعا لا على الرسول.
أما إذا قدرنا ما موصولة فلأن الخبر قسم محذوف، وجوابه مذكور وهو لتؤمنن، فلا بد من ضمير يرجع منه للمبتدأ وهو ما.
وأما إذا قدرنا ما شرطية، فلأن اسم الشرط إذا لم يكن ظرفا لزم اشتمال جوابه على ضمير راجع إليه [فلا يجوز] ١ ما تصنع (أضرب عمرا) وعن أبي الحسن أنه يجيز ذلك.
مستدلا بنحو قوله:

ومن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا٢
[وافر]
وعلى هذا فيجوز عود الضمير على رسول، وقوله في المسألة ضعيف ولا يتمسك له في البيت. وأما من كسر اللام فهي لام الجر
١ زيادة يقتضيها السياق.
٢ هذا البيت للقطامي: عمير بن شييم، وهو شاعر إسلامي مقل، وكان نصرانيا وكان يمدح زفر بن الحارث الكلابي، وأسماء بن خارجة الفزاري، وكان زفر أسره في الحرب التي كانت بين قيس وتغلب، فأرادت قيس قتله فحال زفر بينه وبينهم، ومن عليه وأعطاه مائة من الإبل، وكان القطامي فحلا في الشعر رقيق الحواشي كثير الأمثال. الحضارة ضد البداوة، والمراد أهل الحضارة، فحذفت المضاف. يقول: من أعجبه أهل الحضر في حاضرتهم ـ فأنا أحق بالإعجاب منهم، وإن كنا من رجال البدو، يريد أن كل ما أعجبك من رجال الحضر فهو أكثر بيننا منهم، إن كما أهل بادية. (ديوان الحماسة لأبي تمام حبيب بن أوس الطائي بشرح العلامة التبريزي وغيره جـ ١ ص ١٢٩).


الصفحة التالية
Icon