لأنها إذا دخلت على مثبت نفته، فعلى حكمها يكون صهيب خاف الله وعصاه. قلت: ما ذكرت من الحكم إنما هو فيما إذا لم يكن لوجود الجزاء مسبب إلا الشرط، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا﴾ ١ فإنه ليس لرفع المنسلخ سبب إلا الشرط وهو المشيئة، وأصله إذا كان للجزاء سبب غير الشرط فلا تلازم بين الشرط والجزاء، ولا تعرض لها النية كما فيما نحن فيه، فإن لعدم العصيان سببين:
أحدهما: الخوف من عذاب النار والطمع في دخول الجنة، وهذه مرتبة العوام.
والثاني: مجرد الامتثال لأمر الله تعالى، وهذه مرتبة الخواص، أي أنه خاف الله تعالى امتثالا لأمره، فلم يعصه. ومن هذا النحو قوله تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا﴾ ٢. فإن قلت: قوله: ﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا﴾ أن لو داخلة على مثبت فثبتته، فلزم عدم التولي ولا شك [١٣ أ] أن عدم التولي عن الحق خير، والخير قد نفاه الله تعالى عنهم في صدر الآية الكريمة.
قلت: الجواب ـ والله أعلم ـ ما تقدم من لو لم يخف الله لم يعصه من أن للجزاء سببا خلاف الشرط وهو التمرد والكفران لا الاستماع لآيات القرآن، فبقي الجزاء مثبتا كما كان قبل دخول لو، والشرط منفيا كما بقي الجزاء في (لو لم يخف الله لم يعصه)

١ سورة الأعراف من الآية ١٧٦ وتمامها ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾.
٢ سورة الأنفال الآية ٢٣.


الصفحة التالية
Icon