وقال أيضا: ((مازلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية، يقال له: ابن هشام أنحى من سيبويه)) ١.
ونسجل بعض أشعار هذا العالم الجليل التي تدل على علو همته، ومبدأه في تحصيل العلم هو الصبر حتى يظفر بالنصر، إذ يقول:

ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل
ومن لم يذل النفس في طلب العلا يسيرا يعش دهرا طويلا أخاذل٢
[الطويل] وله: [من الرجز]
سوء الحساب أن يؤاخذ الفتى بكل شيء في الحياة قد أتى٣
وقد ورد البيت الأخير ضمن الأشعار التي استشهد بها ابن هشام في كتابه إعراب القرآن.
واهتم الذين ترجموا لابن هشام بحصر مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة، منهم العسقلاني٤، وطاش كبرى زادة٥ واعتنت دائرة المعارف الإسلامية٦ بالإتيان ببيان مفصل عنها في أنحاء العالم وهو يفيد بإذن الله تعالى الذين يقومون بدراسة هذا العالم الجليل أو يحققون آثاره القيمة.
ومخطوط إعراب القرآن لابن هشام الأنصاري يشتمل على اثنتي عشرة ورقة، ومقاس الصفحة ١٧×٢سم، وعدد أسطرها تسعة عشر سطرا، وأصل المخطوط في الجامعة العثمانية بحيدرأباد بالهند تحت رقم ١٥٤٣٢/٢٩٧ علوم قرآن، وتاريخ نسخ المخطوط هو سنة ١٧٥؟.
١ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٦.
٢ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٧.
٣ شذرات الذهب جـ ٦ ص ١٩٢.
٤ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٥، ٤١٧.
٥ مفتاح السعادة ومصباح السيادة جـ ١ ص ١٩٨، ٢٠٠.
٦ دائرة المعارف الإسلامية جـ ١ ص ٢٩٥، ٢٩٧.

لقصد تكرر ذكر الهدى. فالجواب: إن أعيد لتعلق الجار والمجرور لتبيين من هو له.
مسألة: أين الفاعل في قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني١ ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ ٢ ينتصب اسم الله عز وجل؟
الجواب: يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون اسم الله تعالى [فاعلا] ولكنه نصب لفهم المعنى، فإنه من كلامهم أن الفاعل ربما نصب إذا أمن الإلباس كقولهم: كسر الزجاج الحجر، وخرق الثوب المسمار. رويا برفع الزجاج والثوب ونصب الحجر والمسمار وقال الشاعر:
قد سالم الحيات منه القدما٣.
رُوي بنصب الحيات، وعلى هذا فيتحد مع قراءة السبعة. والمعنى عليهما بحفظ الله لهن، والمفعول محذوف كما في قوله تعالى: ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾ ٤.
١ أحد القراء ((العشرة)) من التابعين. كان إمام أهل المدينة في القراءة، وكان من المفتين، توفي سنة ١٣٢هـ = ٧٥٠ م بالمدينة المنورة. (وفيات الأعيان ٥/٢٧٨ وغاية النهاية ٢/٣٨٢ وتاريخ الإسلام للذهبي ٥/١٨٨).
٢ سورة النساء من الآية ٣٤ وتمامها ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً﴾.
٣ هذا الشطر من أرجوزة لأبي حيان الفقعسي وفي سيبويه قيل أن القائل هو عبد بني عبس، وقيل: هي لغيره وعجز البيت:
ألأفعوان والشجاع الشجما
والشاهد: نصب الفاعل والمفعول في رواية من نصب الحيات، وقيل القدما تثنية حذفت نونه للضروة. (شرح شواهد المغني للسيوطي ق ٢ س ٩٧٣، وخزانة الأدب للبغدادي جـ ٤ ٨٧٠، وحاشية الشيخ محمد الأمير علي مغني اللبيب لابن هشام جـ ٢ ص ٢٠٢، وكتاب سيبويه جـ ١ ص ١٤٥ والأشموني جـ ٣ ص ٥٢).
٤ سورة الأحزاب من الآية ٣٥ وتمامها ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾.


الصفحة التالية
Icon