والقصد أن الذي تواتر عن النبي - ﷺ - في التعوذ للقراءة ولسائر تعوذاته من روايات لا تحصى كثرة هو لفظ: أعوذ، وهو الذي أمره الله تعالى به وعلمه إياه، فقال: ( وقل رب أعوذ بك من همزت الشياطين)، ( قل أعوذ برب الفلق )، ( قل أعوذ برب الناس ) وقال عن موسى: ( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) ( إني عذت بربي وربكم )، وعن مريم عليها السلام: ( إني أعوذ بالرحمن منك ). وفى صحيح أبى عوانة عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ - أقبل علينا بوجهه، فقال: ( تعوذوا بالله من عذاب النار) قلنا: نعوذ بالله من عذاب النار، قال: ( تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ) قلنا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن فقال: ( تعوذوا بالله من فتنة الدجال. قلنا: نعوذ بالله من فتنة الدجال، فلم يقولوا في شئ في جوابه - ﷺ - نتعوذ بالله ولا تعوذنا على طبق اللفظ الذي أمروا به، كما أنه - ﷺ - لم يقل: استعيذ بالله ولا استعذت على طبق اللفظ الذي أمره الله به.
ولم يكن - ﷺ - وأصحابه يعدلون عن اللفظ المطابق الأول المختار إلي غيره، بل كانوا هم أولى بالاتباع وأقرب إلي الصواب وأعرف بمراد الله تعالى، كيف وقد علمنا رسول الله - ﷺ - كيف يستعاذ بالله، فقال / ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم أنى أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال) رواه مسلم وغيره ولا أصرح من ذلك.
وأما بالله: فقد جاء عن ابن سيرين: أعوذ بالسميع العليم، وقيده بعضهم بصلاة التطوع، ورواه أبو على الأهوازى عن ابن واصل وغيره عن حمزة وفى صحة ذلك عنهما نظر.