الثالثة: اختلف المتأخرون في المراد بالإخفاء فقال كثير منهم: هو الكتمان. وعليه حمل كلام الشاطبى أكثر شراحه، فعلى هذا يكفى فيه الذكر في النفس من غير تلفظ.
وقال الجمهور: المراد به الإسرار. وعليه حمل الجعبرى كلام الشاطبى فلا يكفى فيه إلا التلفظ وإسماع نفسه وهذا هو الصواب؛ لأن نصوص المتقدمين كلها على جعله ضدا للجهر، وكونه ضدا للجهر يقتضى الإسرار به، والله اعلم.
فأما قول ابن المسيبى: ما كنا نجهر ولا نخفى ما كنا نستعيذ البتة. فمراده الترك رأسا كما هو مذهب مالك رحمه الله تعالى كما مر.
المبحث الخامس: في الوقف عليها:
وقل من تعرض لذلك من مؤلفي الكتب، يجوز الوقف على الاستعاذة والابتداء بما بعدها، بسملة كانت أو غيرها، ويجوز وصلها بما بعدها، والوجهان صحيحان وظاهر كلام الداني رحمه الله أن الأولى وصلها بالبسملة لأنه قال في كتابه الاكتفاء: الوقف على آخر التعوذ تام. وعلى آخر البسملة أتم. وممن نص على هذين الوجهين الإمام أبو جعفر ابن الباذش ورجح الوقف لمن مذهبه الترتيل، فقال في كتابه الإقناع: ولكن أن تصلها – أي الاستعاذة – بالبسملة في نفس واحد وهو أتم، ولك أن تسكت عليها ولا تصلها بالبسملة وذلك أشبه بمذاهب أهل الترتيل فأما من لم يسم يعنى مع الاستعاذة فالاشبه عندي أن يسكت عليها ولا يصلها بشئ من القرآن. ويجوز وصلها. اهـ.
قال المحقق ابن الجزرى: وهذا أحسن ما يقال في هذه المسألة ومراده بالسكت الوقف لإطلاقه عليه ولقوله في نفس واحد. وكذلك نظم الأستاذ أبو حيان في قصيدته حيث قال:
وقف بعد أو صلا


الصفحة التالية
Icon