"وأما الخلاف الجائز فهو خلاف الأوجه التي على سبيل التخيير والإباحة، فبأي وجه أتى القارئ أجزأه، لا يكون ذلك نقصا في روايته، كأوجه البسملة، والوقف بالسكون والروم والإشمام، وبالطويل والتوسط والقصر في نحو "متاب" و"العالمين" و"نستعين" و"الميت" و"الموت"(١).
فنحن إذن في موضوعنا نريد هذه المعاني كلما استعملنا هذه الألفاظ، إلا أننا ربما وجدنا بعض المؤلفين لا يراعي هذا الاصطلاح أحيانا فيستعمل "قراءة" في مكان "رواية" فنتركه على لفظه كما هو، كقول ابن الباذش مثلا:
"فأما "ألم": الله" في قراءة الجماعة و"ألم أحسب الناس" في قراءة ورش فمن أهل الأداء من يراعي اللفظ فلا يزيد في تمكين الياء من هجاء "ميم" فيهما لتحرك الميم"(٢).
والطريق الذي نعنيه في بحثنا كلما ذكرنا "التلاوة المغربية" هو الطريق التي عليها الأداء والأخذ. ولفظ "طريق" يذكر ويؤنث، "فأهل الحجاز يؤنثون، وبنو تميم يذكرون"(٣).
والمراد بـ"المدارس" في عنوان البحث مجموعة الخصائص البنائية والفنية التي تمثل أسلوب إمام معتبر من أئمة القراءة ومناحيه في اختياراته في الأداء وغيره، وكذلك يستعمل على سبيل التوسع فينتظم مجموعة المدارس الناشئة في جهة أو منطقة على أسس تركيبية متشابهة أو متقاربة فيطلق على مجموعها اسم مدرسة، وذلك ما نريده حينما نعمم فنقول "المدرسة المغربية" أو "المشرقية" أو "القيروانية" أو "الأندلسية"، فإذا أردنا المعنى الأول كقولنا "مدرسة أبي عمرو الداني" أو "مدرسة أبي الحسن الأنطاكي" تحرينا الدقة اعتبارا بجملة المقومات الفنية التي تكون الطابع الخاص به واتجاهه العلمي والفكري والأدائي.

(١) - غيث النفع لأبي الحسن النوري بهامش سراج القارئ لابن القاصح ٣٣-٣٥
(٢) - الإقناع ١/٤٧٩-٤٨٠.
(٣) - معاني القرآن للأخفش ١/١٦٧.

من أهم أصحابه، روى عنه ولازمه مدة كما تدل على ذلك روايته لمجموعة أشعاره(١)، وقد أسند عنه جماعة من الأئمة قصيدة الحصري في القراءة، قال ابن بشكوال في ترجمة الحصري:
"أخبرنا عنه أبو القاسم بن صواب بقصيدته التي نظمها في قراءة نافع... قال: لقيته بمرسية سنة ٤٨١"(٢).
كما أسند القصيدة من طريقه عنه القاسم التجيبي في برنامجه(٣) وابن الجزري في النشر(٤) والمنتوري في فهرسته(٥) وابن غازي في فهرسته(٦).
٥- سليمان بن يحيى بن سعيد القرطبي المعافري المعروف بأبي داود الصغير(٧):
ذكره ابن الجزري فيمن قرأ عليه القراءات(٨)، وروى عنه العلامة أبو بكر بن خير الاشبيلي قصيدة الحصري في قراءة نافع(٩) وجميع كلام الحصري المنثور والمنظوم وجميع ما رواه عن شيوخه(١٠).
قال ابن عبد الملك: "أقرأ القرآن ودرس العربية بمسجد ابن السقاء من قرطبة، وهو مسجد العطارين زمانا، وأسن فعلت روايته، وقصده الناس للأخذ عنه، وانفرد في وقته بروايته عن الحصري"(١١).
٦- عبد الرحمن بن محمد بن الصقر الأنصاري البلسي نزيل مراكش:
تقدم التعريف به في مشيخة الإقراء بمراكش، امام كثير الشيوخ، روى بسبتة عن أبي الحسن الحصري وغيره(١٢).
٧- عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع أبو الحسن الأندلسي من أهل المرية وأقرأ الناس بجامعها (ت ٥١٤):
(١) - ساق منها ابن دحية نماذج كثيرة من روايته في المطرب ص ١٣ـ١٤ـ٩٤.
(٢) - الصلة ٢/٤٣٢ـ٤٣٣ ترجمة ٩٢٦.
(٣) - برنامج التجيبي ٤٢ـ٤٣.
(٤) - النشر ١/٩٦.
(٥) - فهرسة المنتوري لوحة ١٧ـ١٨.
(٦) - فهرست ابن غازي ٩٧.
(٧) - تقدم في أصحاب أبي داود بن نجاح.
(٨) - غاية النهاية ١/٥٥١ ترجمة ٢٢٥٠ وكذا في ١/٣١٧ ترجمة ١٣٩٥.
(٩) - فهرسة ابن خير ٧٤.
(١٠) - فهرسة ابن خير ٤٥٠.
(١١) - الذيل والتكملة السفر الرابع القسم الأخير ٩٦ـ٩٧.
(١٢) - يمكن الرجوع إلى ذكر روايته عن الحصري في الاعلام للمراكشي الجزء ٨/٥٥ ترجمة ١٠٧٨.


الصفحة التالية
Icon