"فأما من لقيه منهم، وثبت عندنا لقاؤه فهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وقبيصة بن ذؤيب، وخارجة بن زيد وأبان بن عثمان وسليمان بن يسار، ولم يثبت عندنا عن الباقين سماع من زيد فيما ألقي إلينا، إلا أنهم كانوا يذهبون مذهبه في الفقه والعلم"(١).
ولا يخفى ما في قول ابن المديني "كانوا يذهبون مذهبه" من الإشارة إلى اجتماعهم على اختياراته، وانتظامهم في ملامح مشتركة هي المسماة في عرف الدارسين اليوم باسم "المدرسة".

(١) - كتاب العلل لابن المديني ١٥.

لا نملك كشفا وافيا باصحاب ابي الحسن القيجاطي ورجال مدرسته الذين تحملوا عنه وتشبعوا بمقومات مذاهبه الفنية والأدائية، ولكننا نستطيع تمثل المكانة التي كانت له في زمنه وتقدير العدد الوفير الذي التف حوله طوال عمره الطويل الذي بلغ ثمانين عاما قضى أكثره في إمامة التصدر ثم في مشيخة الجماعة، وعلى الأخص بعد أن "ورد غرناطة مستدعى سنة ٧١٢ هـ، وقعد بمسجدها الأعظم يقرئ فنونا من العلم"(١)، ولذلك عبر صاحبه لسان الدبن ابن الخطيب عن كثرة غاشيته بقوله "وقصده الناس، وأخذ عنه البعيد والقريب"(٢).
وكفاه فخرا أن يستدعى إلى عاصمة بني الأحمر وينتدب للتدريس في مسجدها الأعظم في عصر كانت فيه حافلة بأعلام المشيخة من فحول هذا الشان من أصحاب أبي جعفر بن الزبير وابي على بن أبي الأحوص وأبي جعفر بن الطباع وغيرهم من الاعلام.
وقد حاولت بقدر الإمكان استجماع أسماء المشهورين من أصحابه لإعطاء صورة عن محتويات مدرسته وأهم المصادر التي كانت معتمدة فيها في الإقراء، وامتدادات هذه المدرسة بعده في الأندلس وخارجها، وهذه قائمة بأسمائهم:
١- أحمد بن علي بن إبراهيم أبو جعفر الحميري الغرناطي يعرف بالشقوري
قال ابن الجزري: "مقرئ كامل صالح، قرأ على أبي الحسن القيجاطي وأبي جعفر بن الزيات، وحج فقرأ على أبي حيان وغيره، ورجع إلى غرناطة فأقام منقطعا بمنزله، وعين لمشيخة الإقراء بالمدرسة بغرناطة فامتنع تدينا، مات في أواخر سنة ٧٥٦"(٣).
٢- أحمد بن محمد بن أحمد الرعيني أبو جعفر عرف بنسبه
قال ابن القاضي في درة الحجال: "كان من أهل الفضل والظرف، عارفا بالعربية، مشاركا في الفقه متدربا في الأحكام، قرأ على أبي الحسن القيجاطي وابن الفخار وكان قاضيا"(٤).
(١) - الإحاطة ٤/١٠٤.
(٢) - نقله ابن الجزري في غاية النهاية ١/٥٥٧-٥٥٨ ترجمة ٢٢٨٠.
(٣) - غاية النهاية ١/٨٢ ترجمة ٣٧٥.
(٤) - درة الحجال ١/٥٢ـ٥٣ ترجمة ٧١.


الصفحة التالية
Icon