ولقد كان أبو الحسن-رحمه الله- من فرسان هذا الدين، وخير من ينطبق عليه هذا الأثر الشريف، وكان ممن أحيا الله بهم بهذا العلم في المدرسة المغربية لهذا العهد، فكان أقوم الأئمة في هذه الجهة على مذاهب الأئمة الأقطاب في القراءة وعلومها، وأعلمهم بأسانيدهم، وأرواهم لمصنفاتهم المعتمدة.
أثره في توجيه مسار القراءات في المدرسة المغربية بسائر طرقها :
وكان له إلى جانب ذلك أثر بليغ في توجيه القراءة في المسار الذي سارت فيه، وقد انتشرت طريقته ومذاهبه في ذلك على محورين وشعبتين هامتين :
١- شعبة "الجمع الصغير"أو "العشر الصغير"، وهو الجمع الخاص بقراءة نافع ورواياتها وطرقها، فقد كان أبو الحسن أحد من اشتهروا لهذا العهد بالعناية بها عناية خاصة، وقد اتجهت به همته إلى كتب الأئمة وخصوصا إلى كتاب "التعريف في اختلاف أصحاب نافع " لأبي عمرو الداني فعكف على دراسته وتدريسه، كما نظم مسائله في أرجوزة خاصة سوف نقف عليها في آثاره، وقد تخرج عليه تلامذته في هذا الجمع وتفننوا فيه، ولا سيما منه ما يتعلق بالروايتين المشهورتين في المغرب أعني روايتي ورش وقالون، ولهذا نجد عامة علماء القراءة من زمنه إلى اليوم لا يكادون يسندون قراءة نافع من رواياتها وطرقها المشهورة إلا من هذه الطريق، وهي طريق تتفرع ـ كما سيأتي لنا ـ إلى فرعين كبيرين: فرع يمتد من طريق رجال المدرسة الأثرية إلى أبي عمرو الداني عن شيوخه بأسانيدهم من طريق "التيسير" وغيره من مصنفاته كالتعريف والتمهيد والتلخيص وجامع البيان" والاقتصاد وغيرها، وفرع يمتد من طرق أخرى تنتهي إلى ابن العرجاء القيرواني بسنده عن ابن نفيس أستاذ مدرسة ورش في مصر في زمنه بسنده إلى نافع.


الصفحة التالية
Icon