وأسنده الشيخ أبو عبد الله بن غازي في جملة مروياته من كتبه من طريق أبي زكريا السراج(١).
ونقل عنه أبو زيد بن القاضي وصاحبه مسعود جموع في شرحيهما على "الدرر اللوامع" في مواضع من باب المد فقال ابن القاضي: "قال أبو الحسن علي بن سليمان القرطبي في "كتاب ترتيب(٢) الأداء": فمنهم من ذهب إلى الترتيل، وهو التحقيق، فيمطط الحروف، ويشبع الحركات وحروف المد واللين على الإطلاق، ويبالغ في الشد والهمز وأشباه ذلك من غير إفراط ولا إسراف في شيء من ذلك، فخيار الأمور أوساطها، فيكون مده الطبيعي من نسبة حركاته، إذ المدة ناشئة عن الحركة ومتولدة عنها، فبحسب إشباع الحركة تكون المدة، فمن أشبعها كثيرا كانت مدته طويلة، ومن أشبعها قليلا كانت مدته قصيرة، ومن توسط كانت مدته وسطا. ومنهم من ذهب فيها إلى الحذر فلا يمطط الحروف ولا يشبع الحركات، بل يخطفها خطفة من غير إخلال بشيء من صفاتها ومخارجها، ومنهم من توسط، ولكل وجه من النظر، ودليل من الشرع، ولكن الأولى في التعليم تقديم الترتيل، وفي ثاني حال يكون الحدر بعد الرياضة وإحكام النطق بالحروف من مخارجها وعلى صفاتها المعلومة لها، فحصل من ذلك أن الألف الطبيعي يختلف بحسب طباع القراء من حيث الترتيل والحدر والتوسيط وإن كان واحدا، من حيث إنه طبيعي لا زيادة فيه لمجاورة أسباب توجبها، وكذلك الياء الساكنة المكسور ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، إذ هما في اللفظ مدتان كالألف "انتهى"(٣).

(١) - فهرسة ابن غازي ١٠١.
(٢) - في المخطوطة التي اعتمدتها "ترتيل" وهو تحريف.
(٣) - نقله ابن القاضي في أول باب المد من "الفجر الساطع" " وتبعه مسعود جموع في أول الباب من "الروض الجامع".


الصفحة التالية
Icon