وما لي إلا عفو ربي وفضله ففيه إلى ما أرتجيه بلاغ(١)
تلك هي مؤلفات أبي الحسن بن سليمان شيخ الجماعة بفاس، أو على الأقل ما تعرفنا على أسمائه منها، وهي في جملتها وما نقلناه عنها، شواهد ناطقة بإمامته في هذا الشأن ورسوخ قدمه فيه.
واستكمالا منا للصورة نرى لزاما علينا أن نقف بالقارئ الكريم على ملخصات من تراجم رجال مدرسته لنتتبع مقروءاتهم ومرواياتهم عنه، ومروياته عن شيوخه فيما أسنده عنه كبار الملازمين له، وخصوصا في القراءة وعلومها وهذه قائمة بأسمائهم وتراجمهم الموجزة :
الفصل الرابع:
رجال مدرسته ومروياتهم ومروياته من خلال ما قرأوا عليه أو أجازهم به.
تجمعت لنا من خلال ما تيسر لنا من المصادر مجموعة من الأسماء المتعلقة برجال مدرسته، وهي لا تزيد على عشرين أو تكاد، وهي في نظرنا لا تمثل معشار الحقيقة نظرا لطول تصدر أبي الحسن وبقائه حتى انفرد أو كاد بالرواية عن الأكابر الذين انقرض أصحابهم، إلا أن فيما سنعرضه مما وصل إلينا التنويه به من أصحابه ما فيه الكفاية والغناء في التدليل على بليغ أثره وقوة إشعاع مدرسته من بعده، هذا مع تعرض هذه المدرسة بفاس للكارثة العظمى التي سبق التنبيه عليها في العدد ما قبل الأخير والتي أودت بحياة عشرات العلماء والقراء من أعلام هذه المدرسة وغيرهم ممن عبر عنهم وعن عظم الفجيعة فيهم صاحب "الفكر السامي" بقوله :
"وضاعت معهم نفائس الكتب، ورزئ المغرب في أنفس أعلاقه، وأنفس أعلامه، وبموتهم ظهر نقصان بين وفراغ شاسع في عمارة سوق العلم، وبه أصبحت دياره بلاقع، وأفقرت المدارس والجوامع، وذلك سنة ٧٥٠ أو ٧٤٩ على ما في درة الحجال "(٢). أي بعد نحو العشرين عاما فقط من موت أبي الحسن بن سليمان.
(١) - كتاب الإفادات والإنشادات لأبي إسحاق الشاطبي ١٧١.
(٢) - الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي للثعالبي ٢/٢٤٦. والإشارة إلى غرق العلماء في أسطول أبي الحسن المريني في عودته من حملته على تونس.


الصفحة التالية
Icon