ويظهر أنه وإن كان منسوبا إلى قرطبة فقد نشأ بفاس وربما ولد بها، ولهذا نسبه بعضهم فاسيا(١)، وقد أقام بها حتى توفي، وكان شيخ جماعتها وعمدة قرائها ومرجعهم في التحقيق والتحرير والرواية، إذ لم يقاربه في ذلك أحد في زمنه بفاس في مستواه العلمي وسعة روايته وتضلعه في أكثر من علم وكثرة تأليفه.
مشيخته : وتتجلى مكانة أبي الحسن في زمنه في نبل مشيخته وقيامه على رواية الأمهات في القراءات وعلومها وإدخاله إلى المنطقة كتبا ومصنفات لا عهد لها بها، وإقرائه بأهم الطرق التي كانت معروفة في زمنه وتأليفه فيها، وقد قرأ على نخبة أئمة الأندلس والمغرب وشارك الأكابر في أساتذتهم فكان في هذا المجال في زمنه بقية المشايخ وتحفة العصر في الرواية عن أعلام المائة السابعة والجمع بينهم في الأخذ مما توافر معه لأهل المغرب في شخصه ما كانوا في أمس الحاجة إليه بعد ذهاب المشيخة وانقراض أهل ذلك الجيل، وهؤلاء أهم المذكورين من مشيخته :
١- أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الإمام الحافظ الذائع الصيت خاتمة المحدثين وصدور العلماء المقرئين، علامة غرناطة وأستاذ القراء بها، انتهت إليه الرئاسة في صناعة العربية وتجويد القراءة، وكان نسيج وحده في حسن التعليم والصبر على التسميع والملازمة للتدريس لم تختل له مع تخطي الثمانين كما يقول ابن الخطيب(٢).

(١) - سلوة الأنفاس ٣/١٤٩.
(٢) - الإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين ابن الخطيب ١/١٨٨-١٩٣.


الصفحة التالية
Icon