وبانتهائنا إلى هنا مع تلامذة أبي الحسن بن سليمان نكون قد استعرضنا أهم ما يمكن تقديمه للعريف بهذه المدرسة حسب ما تأتىلنا جمعه من آثار ومعلومات، ولعلنا قد مهدنا الطريق لمن يأتي بعدنا لأن يقوم بمزيد من الإنارة للموضوع بالوقوف على تفاصيل أوفر وأوفى بالغاية، وحسبنا أننا نشعر بالغبطة بما أتيح لنا بوسائلنا المحدودة من جمع وتصنيف لنثار هذه المواد والمعلومات لتكوين صورة أولية وتقريبية عن المدرسة "التوفيقية" وإشعاعها العلمي في المغرب على عهد الازدهار ونشوء المدارس الفنية الخاصة، ولقد رأينا كيف كان أبو الحسن في هذا الطور في هذه الجهات بعثا جديدا لهذا الاتجاه أو على الأقل امتدادا لما عرفته الحواضر الأندلسية في عهد الأقطاب وخلفائهم من سير وتوجيه في هذه الطريق.
ولقد كان أبو الحسن بما تزعمه وأقرأ به وألف فيه من "الجمع الكبير" حسب ما سمي ب"الخلاف الكبير"زعيم مدرسة فنية كان لها أثرها الفعال في مستقبل القراءات بالمغرب ومستوى الدراسة الفنية لأصولها الأدائية وعلى الأخص فيما يهمنا أي في قراءة نافع من رواية ورش ومسائل الخلاف فيها.
ولقد مر بنا أيضا ما كان لأبي الحسن ورجال مدرسته كأبي العباس الزواوي وأبي محمد بن مسلم وكما سوف نرى عند أبي عبد الله الصفار من توجه خاص نحو تحرير "العشر النافعية" ودراسة مسائل الخلاف فيها، وهو توجه جديد على المناطق المغربية يعتبر أبو الحسن فيه أحد الرواد الكبار الذين خططوا للسير في هذا الإتجاه، إلى جانب من تقدمه أو عاصره من رجال مدرسة أبي عبد الله بن القصاب الذين وقفنا على جهودهم في ذلك.


الصفحة التالية
Icon