والثانية تتعلق بفن القراءات
وجملة الأوجه التي يقف بها القراء غالبا خمسة أوجه:
١ - الإسكان
٢ - والروم
٣ - والإشمام
٤ - والحذف
٥ - والإبدال
وسيأتي الكلام على كل منها قريبا إن شاء الله تعالى
والسبب الداعي إلى معرفة الحالة الأولى
أنه لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ولم يجر التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذٍ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعده، وتحتم أن لا يكون ذلك مما يحيل المعنى ولا يخل بالفهم، إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد، ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته كما ورد عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن الترتيل من قوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا فقال: الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف،
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لقد عشنا برهة وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي ﷺ فنتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها.
ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته
وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
وصح بل تواتر تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر القارئ أحد أعيان التابعين وشيخ إقراء المدينة في وقته وأبي عمرو ويعقوب وعاصم وغيرهم.
ومن ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحداً إلا بعد معرفته الوقف والابتداء.
وصح عن الشعبي وهو من أئمة التابعين أنه قال: إذا قرأت (كل من عليها فان) فلا تسكت حتى تقرأ (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
وقال الإمام أبو الخير:
الوقف في الصدر الأول : الصحابة والتابعين وسائر العلماء، مرغوب فيه من مشايخ القراء والأئمة الفضلاء، مطلوب فيما سلف من الأعصار، واردة به الأخبار الثابتة والآثار الصحيحة. ففي الصحيحين أن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقطع قراءته يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يقف.. الحديث
وقال بعضهم:
إن معرفة الوقف تظهر مذهب أهل السنة من مذهب المعتزلة كما لو وقف على قوله وربك يخلق ما يشاء ويختار فالوقف على يختار هو مذهب أهل السنة لنفي اختيار الخلق لاختيار الحق فليس لأحد أن يختار بل الخيرة لله تعالى. أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه.