من الدين الذي وَصَّينا به جميع المرسلين قبلك أصحاب الشرائع الكبار المتبعة كأولي العزم وغيرهم فادع الناس إليه. وقوله عز وجل ﴿وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾، أي: واستقم أنت ومن اتبعك على عبادة الله تعالى كما أمركم الله عز وجل. وقوله تعالى ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ يعني: المشركين فيما اختلقوه وكذّبوه وافتروه من عبادة الأوثان. وقوله جل وعلا: ﴿وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ﴾ أي: صدقت بجيمع الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء لا نفرق بين أحد منهم. وقوله: ﴿وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ أي: في الحكم كما أمرني الله. وقوله: ﴿اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ﴾ أي: هو المعبود لا إله غيره فنحن نقرّ بذلك اختياراً وأنتم وإن لم تفعلوه اختياراً فله يسجد من في العالمين طوعاً وإجباراً. وقوله ﴿لنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ أي: نحن برآء منكم.. وقوله: ﴿لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ﴾ قال مجاهد: أي لا خصومة، قال السُّدِّي: وذلك قبل نزول آية السيف، وهذا متجه لأن هذه الآية مكية وآية السيف بعد الهجرة. وقوله عز وجل: ﴿اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا﴾ أي: يوم القيامة.. وقوله: ﴿وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ أي: المرجع والمآب يوم الحساب. ا. هـ‍ (١).
ويتضح لنا من خلال تفسير الآية الكريمة:
الأمر بالتمسّك بالقرآن العظيم، والاستقامة عليه، والدعوة إليه، والحذر مما يضاد ذلك كله، وه‍ذا في الحقيقة راجع إلى أن: (القرآن الكريم هـ‍وكتاب الدعوة الإسلامية الشاملة للعقيدة والشريعة، والذي اشتمل على بيان العقيدة في صفائها، وعلى وضع أسس التشريع في مختلف الجوانب التي تمس حياة العباد) (٢).

(١) تفسير ابن كثير ٤/١٠٩.
(٢) انظر: هذا القرآن، لعبد الحي العمراني ص ٣٢.


الصفحة التالية
Icon