يقول الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة:
كان المشركون إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره حتى
لا يسمعونه، فهذا من هجرانه، وترك الإيمان به وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه (١).
وقال تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾ (النساء: ٨٢).
وقال سبحانه: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (محمد: ٢٤).
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في إيضاح المقصود بهذه الآية الكريمة:
أي: فهلا يتدبر هؤلاء المعرضون لكتاب الله، ويتأملونه حق التأمل، فإنهم لو تدبروه، لدلهم على كل خير، ولحذرهم من كل شر، ولملأ قلوبهم من الإيمان، وأفئدتهم من الإيقان، ولأوصلهم إلى المطالب العالية والمواهب الغالية، ولبين لهم الطريق الموصلة إلى الله، وإلى جنته ومكملاتها ومفسداتها، والطريق الموصلة إلى العذاب، وبأي شيء يحذر، ولعرَّفهم بربهم، وأسمائه وصفاته، وإحسانه، ولشوقهم إلى الثواب الجزيل، ورهبهم من العقاب الوبيل. وقوله تعالى ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ أي: قد أغلق على ما فيها من الإعراض والغفلة، والاعتراض، وأقفلت، فلا يدخلها خير أبداً (٢).
(٢) تفسير ابن سعدي ٧/٨٠.