يكون المعنى لا يأتيه الباطل من جهة ما أخبر به من الأخبار الماضية والأمور الآتية.
وقيل: الباطل بمعنى المبطل.. أو هو مصدر كالعافية بمعنى مبطل أيضاً، وقوله تعالى: ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ أي: محمود على ما أسدى من النعم التي منها تنزيل الكتاب، وحمده سبحانه: بلسان الحال متحقق من كل مُنْعَم عليه، وبلسان المقال متحقق ممن وفق لذلك، خبر مبتدأ محذوف، أو صفة أخرى لكتاب، مفيدة لفخامته الإضافية كما أن الصفتين السابقتين مفيدتان لفخامته الذاتية)) (١).
والمتحصل من كلام المفسرين - رحمهم الله تعالى - في معنى الآية الكريمة:
أن الله تعالى: حافظ كتابه الكريم من تطرق الباطل إليه بأي وجه من الوجوه في أي وقت من الأوقات وبأي شيء من الأشياء الباطلة الحسية أو المعنوية، فهو كتاب مصون، محفوظ مكلوء بالعناية والرعاية الإلهية لأنه تنزيل من الله تعالى الحكيم في كل أفعاله، الحميد في كل أموره وشؤونه.
ولا ريب أن هذا الكتاب المحفوظ المصون هو كتاب الدعوة ومن حقوقه على كل مسلم أن يدعو الناس إليه وبه. كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (النحل: ١٢٥).
ومما فسرت به الحكمة هنا: القرآن الكريم (٢).
(٢) انظر: زاد المسير لابن الجوزي ٤/٥٠٦.