المبحث الثاني: الأثر الدَّعوي والإصلاحي.
إن من آثار القرآن العظيمة في المجتمع: أثره في دعوة الناس إلى الله تعالى، وإصلاحهم في مختلف المجالات الاجتماعية والحياتية. والدعوة إلى الله تعالى
لا تقتصر على أمر معين بل ينتظم فيها كل ما يهم المسلم في دينه ودنياه، وبمعنى آخر: تعدُّ الدعوة صياغة جديدة لحياة المسلم، مبناها على التوحيد الخالص لله تعالى، والالتزام بشرعه، والتمسك بأمره والابتعاد عن نهيه.
ومن هنا كانت النقلة النوعية العظيمة في حياة المجتمعات الإنسانية حينما ابتدأت الدعوة الإسلامية وظهرت وانتشرت. فدخل الناس في دين الله أفواجاً، واستقامت حياتهم على الحق والخير والهدى والصلاح.
قال تعالى: ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (إبراهيم: ١)، ودعوة الناس وإصلاحهم وإرشادهم هي وظيفة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام. كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ (النحل: ٣٦).
والداعية الموفق هو الذي يدعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة وبعيد كل البعد عن الإساءة أو الغلظة، كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (النحل: ١٢٥).
كما أن الدعوة ينبغي أن تسير على المنهج الإيماني القويم، والسبيل النبوي الكريم، كما قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (يوسف: ١٠٨).