المبحث الخامس: الأثر الإنساني والحضاري.
إن من آثار القرآن العظيم في المجتمع المسلم تقرير مفهوم الإنسان وأصله ومبدئه وحقيقته، وحقوقه وواجباته، وكيف يبني حضارته على وجه هذه الأرض وماضوابطها.
ولا شك أن للقرآن العظيم منهجه المتميز في ذلك، وله وسائله وأساليبه وطرقه في تقرير تلك الحقائق والأمور.
وبنظرة إلى حالة العرب، بل وإلى المجتمعات الإنسانية قبل نزول القرآن الكريم تتضح مدى ما كانت تعانيه من إهدار لكرامة الإنسان، ووأد له، ومصادرة لحقوقه، بل وجعله من ضمن المتاع الذي يورث. ولا يبعد عن ذلك ما تعانيه البشرية اليوم في كثير من مجتمعاتها - التي لم تهتد بكتاب الله تعالى - من انحراف في فهم الوجود الإنساني، ومن تضييع لكرامته ونتيجة لذلك حاولت تلك الأمم أن تقرّر شيئاً من حقوق الإنسان فاجتمعت وأصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر في عام ١٩٤٨م (١).
والتساؤل: هل كان لذلك القانون أثر في حفظ الكرامة الإنسانية في العالم المعاصر اليوم؟ وهل كفل للإنسانية المعذبة الحياة اللائقة بها؟ بل هل كفل لها أدنى متطلبات الإنسان؟.
والجواب عن ذلك: أن الحالة السيئة التي تعيشها الإنسانية اليوم وفي ظل تلك القوانين والأعراف تنبئ عن حالها، وإن الواقع المشاهد المحسوس يغني عن كثير من الكلام.