المبحث السادس: الأثر الأمني الشامل.
يعيش الإنسان على هذه الأرض ويتقلب في مناكبها، ويسعى بين جنباتها، وقد يعرض له ما يخيفه ويحذر منه، ونتيجةً لذلك أصبح الأمن مطلباً ضرورياً للإنسان في حياته.
والمتأمل في كتاب الله تعالى يجد أن القرآن الكريم قد كفل للإنسان أمنه وطمأنينته في حياته الدنيا، وفي حياته الأخرى.
والأمن الذي نادى به القرآن الكريم شامل وكامل في حياة الإنسان،
(ولا يتوفر الأمن بمجرد ضمانه لحياة الإنسان فحسب، بل هو يحتاج إلى الأمن على عقيدته التي يؤمن بها، وعلى هويته الفكرية والثقافية، وعلى موارد حياته الاقتصادية والمادية) (١).
يقول تعالى ممتناً على قريش بما هيأه لها من الأمن دون سائر القبائل، وليكون ذلك داعياً لها إلى عبادة الله تعالى وتوحيده: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ (قريش: ٣-٤).
وقال تعالى مبيناً أن الأمن الحقيقي يكون لمن آمن به ووحده ولم يخلط إيمانه بشرك، وأن غير ذلك من الأمن تبع له، ويتضح ذلك في معرض قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ

(١) انظر: الأمن في حياة الناس وأهميته في الإسلام، د. عبد الله التركي ص ٨.


الصفحة التالية
Icon