وقال الراغب: لا يقال لكل جمع قرآن ولا لجمع كل كلام قرآن، وإنما سمي قرآناً لكونه جمع ثمرات الكتب السالفة المنزلة. وقيل: لأنه جمع أنواع العلوم كلها.
ثم قال الحافظ السيوطي بعد أن ساق تلك الأقوال: والمختار عندي في هذه المسألة ما نص عليه الشافعي (١).
ويذهب الشيخ الزرقاني إلى خلاف ذلك ويؤكد أن القرآن مشتق فيقول: (أما لفظ القرآن فهو: في اللغة مصدر مرادف للقراءة، ومنه قوله تعالى ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ (القيامة: ١٧-١٨). ثم نقل من هذا المعنى المصدري وجعل اسماً للكلام المعجز المنزل على النبي ﷺ من باب إطلاق المصدر على مفعوله، ذلك ما نختاره استناداً إلى موارد اللغة، وقوانين الاشتقاق، وإليه ذهب اللحياني وجماعة. أما القول: بأنه وصف من القَرء بمعنى: الجمع، أو أنه مشتق من القرائن، أو أنه مشتق من قرنت الشيء بالشيء، أو أنه مرتجل أي موضوع من أول الأمر عَلَماً على الكلام المعجز المنزل غير مهموز ولا مجرد من أل، فكل أولئك لا يظهر له وجه وجيه، ولا يخلو توجيه بعضه من كلفة، ولا من بُعد عن قواعد الاشتقاق وموارد اللغة. وعلى الرأي المختار: فلفظ قرآن مهموز، وإذا حذف همزه، فإنما ذلك للتخفيف، وإذا دخلته "أل" بعد التسمية فإنما هي للمح الأصل لا للتعريف) (٢).
(٢) انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني ١/١٤.