قال الشّافعي وغيره : أفضل القراءة ما كان حدراً وتحزيناً، فالحدر درج القراءة والتحزين القراءة بالترقيق.
وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه تحزيناً شبه لرثاء.
وإذا لم يكن القارئ حسن الصوت حسنه ما استطاع.

فصل


في استحباب القراءة من حسن الصوت
اعلم أن جماعات من السلف رضي الله عنهم كانوا يطلبون من القارئ الحسن الصوت أن يقرأ عليهم وهم يستمعون، وهذا متفق على استحبابه، وهو عادة الأخيار والمتعبدين، وعباد الله الصالحين، وهو سُنَّة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففي الصَّحِيحين أنَّهُ ﷺ قال لعبد الله بن مسعود :(اقْرأ عَليَّ القُرْآن، فَإِنِّي أُحبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) فقرأ عليْهِ من سُورة النِّساء حتّى بلغ قوله: (( فَكَيفَ إِذاَ جِئنَاَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَاَ بِكَ عَلى هَؤلاء شَهِيدا))، قال :(حَسْبُكَ الآن). فالتفتُ إليه فَإِذَاَ عَيْنَاهُ تَذْرِفَان. رواه البخاريُّ ومسلم.
والآثار في هذا كثيرة ومشهورة. وقد مات جماعة من الصَّالحين بسبب قراءة من سألوه القراءة، واستحب العلماء افتتاح مجلس حديث النبي وختمه بقراءة قارئ حسن الصوت، ما تيسر من القُرآن، وينبغي أن يكون القارئ في هذه المواطن ما يتعلق بالمجلس، ويناسب الحال، وأن يكون قراءته في آيات المواعظ والزُهد، والترغيب والترهيب وقصر الأمل ومكارم الأخلاق.

فصل


ينبغي للقارئ إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها أن يبتدئ من الكلام المرتبط بعضه ببعض، وأن يقف على انتهاء المرتبط، ولا يتقيد بالأعشار، والأجزاء فإنها قد تكون في وسط الكلام المرتبط الجزء في قوله تعالى :(( والمُحصنَاتُ مِنَ النِّساء )) وفي قوله تعالى :(( وَمَاَ أُبَرِئُ نَفسي )) وفي قوله تعالى :((إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلمُ السّاعة )) وفي قوله تعالى :(( فَمَاَ خَطْبُكُم أَيُّهَاَ المُرْسَلُون )).


الصفحة التالية
Icon