وأما النقط الدال على عوارض الحروف وهو المسمى بالضبط والشكل فقيل أول من وضعه أبو أسود الدؤلي. وقيل نصر بن عاصم الليثي. وقيل يحيى بن يعمر. وقيل هما معاً. وقيل عبد الله بن أبي اسحاق الحضرمي معلم أبي عمرو بن العلاء، وقيل الخليل بن أحمد الفراهيدي، والصحيح كما نص عليه جماعة منهم الداني وأبو داود وأبو حاتم وكثير من شراح العقيلة والمورد أن مستنبطه الفراهيدي. وذكروا بسبب استنباطه أن زياد بن أبي سفيان أمير البصرة في أيام معاوية كان له لبن اسمه عبيد الله وكان يلحن في قراءته فقال زياد لأبي الأسود إن لسان العرب دخله الفساد فلو وضعت شيئا يصلح الناس به كلامهم ويعربون به القرآن فأمتنع أبو الأسود فأمر زياد رجلا يجلس في طريق أبي الأسود فإذا مر به قرأ شيئاً من القرآن وتعمد اللحن فقرأ الرجل عند مرور أبي الأسود به( إن الله برئ من المشركين ورسوله) بخفض اللام من رسوله فأستعظم ذلك أبو الأسود وقال معاذا الله أن يتبرأ الله من رسوله فرجع من فوره إلى زياد وقال له أجبتك إلى ما سألت فأختار رجلا عاقلا فطنا وقال له خذ المصحف وصباغاً يخالف لون المداد فإذا فتحت شفتي فأنقط فوق الحرف نقطة وإذا ضممتهما فأنقط نقطتين أمامه. وإذا كسرتهما فأنقط تحته. فإذا أتبعت بغنة يعني تنوينا فأنقط نقطتين فبدأ بأول المصحف حتى أتى على آخره. فكان ضبط أبي الأسود نقطا مدوراً كنقط الأعجام إلا أنه مخالف له في اللون. وأخذ ذلك عنه جماعة وأخذه منهم الخليل. ثم إن الخليل اخترع نقطا آخر يسمى المطول وهو الأشكال الثلاثة المأخوذة من صور حروف المد. وجعل مع ذلك علامة الشد شيناً أخذها من أول شديد. وعلامة الخفة خاء أخذها من أول تخفيف ووضع الهمز والإشمام والروم فاتبعه الناس على ذلك واستمر العمل به إلى وقتنا هذا لكن بعض تغيير فيه كما ستقف عليه.
مبادئ فن الضبط


الصفحة التالية
Icon