فإذا كان بعد التنوين حرف من الحروف الأربعة التي يجمعها قولك (لم ترى) وهي اللام والميم والنون والراء. فإن ذلك الحرف يشدد بعلامة التشديد الآتية نحو: هدى للمقيمين. هدى من ربهم، يومئذ ناعمة. غفور رحيم، ووجه ذلك التنبيه على أن لفظ التنوين أدغم في ذلك الحرف. ولأجل ذلك سمي هذا التنوين وصار جنس ذلك الحرف. ولأجل ذلك سمي هذا النوع الإدغام الخالص. وأما ماعدا ذلك من بقية الحروف فيعرى من علامة التشديد (١) سواء كان مما يظهر عنده التنوين وهو حرف الحلق المتقدمة أو مما يقلب عند التنوين وهو الباء أو مما يدغم فيه التنوين إدغاماً ناقصاً وهو الواو والياء أو مما يخفي عنده التنوين وهو الحروف الخمسة عشر الباقية وأما الحركة فلا بد من وضعها إذ لا موجب لذهابها بل ربما أوقع عدمها في اللبس

(١) هذا مذهب أهل الضبط. وأما النحاة فأنهم حكموا بتحلية المدغم فيه بعلامة الشد من غير فرق الإدغام الناقص والتام. وتعرية المخفي عنده منها- وقالوا لا فرق بين الإخفاء والإدغام إلا جرد علامة التشديد وعدمها فمتى وجدت أعلمتنا بالإدغام ومتى عدمت أعلمتنا بالإخفاء اهـ وهذا المذهب لم يعرج عليه الداني في المحكم وذكر الوجهين في المقنع وكذا فعل أبو داود ذيل الرسم والتجيي في تبيينه ولكن لم يخضوه بالنحاة وجرى عليه بعضهم في ضبط المصاحف ولكن يرد عليهم التباس الناقص بالتام
(٢) والفرق بين الإدغام التام والناقص أن الإدغام التام هو ما ذهب فيه لفظ المدغم وصوته بأن لم يبق معه ذات المدغم وهو هنا التنوين ولا صفة وهي هنا الغنة. ولإدغام الناقص هو ما ذهب فيه اللفظ دون صوت. أي ما أدغمت معه الذات وأبقيت الصفة اهـ(فإن قلت) يرد على أهل الضبط أن الياء والواو إذا لم يشددا مع إبقاء غنة التنوين يتوهم أن الحكم عندهما الإخفاء (فالجواب) أن هذا التوهم يدفعه شهرة عدد حروف الإخفاء إذ لم يعد فيها أحد الياء والواو اهـ


الصفحة التالية
Icon