استدراج للقارئ وتمهيد لإقناعه بأن القرآن هو من اختراع محمد وتأليفه، وأنه قد تعلم هذه الألفاظ من اليهود والنصارى.
ويناقش الدكتور عبد الرحمن بدوي مزاعم المستشرقين في هذا الصدد قائلاً:
"ولكي نفترض صحة هذا الزعم فلا بد أن محمداً كان يعرف العبرية والسريانية واليونانية، ولابد أنه كان لديه مكتبة عظيمة اشتملت على كل الأدب التلمودي والأناجيل المسيحية ومختلف كتب الصلوات وقرارات المجامع الكنسية وكذلك بعض أعمال الآباء اليونانيين وكتب مختلف الكنائس: الملل والنحل المسيحية".
ويعلق عبد الرحمن بدوي على هذا بقوله: "هل يمكن أن يعقل هذا الكلام الشاذ لهؤلاء الكتاب، وهو كلام لا برهان عليه. إن حياة النبي محمد ﷺ قبل ظهور رسالته وبعدها معروفة للجميع. ولا أحد قديماً أو حديثاً يمكنه أن يؤكد أن النبي كان يعرف غير العربية، إذاً كيف يمكن أن يستفيد من هذه المصادر كما يدَّعون" (١).
على أن اللغات العربية والعبرية والسريانية تنتمي إلى سلالة لغوية واحدة هي سلالة اللغات السامية، ولابد من أجل ذلك أن يكون بينها الكثير من التشابه والتماثل.
ومن ثم فإن القول بأن إحدى اللغات قد استعارت ألفاظاً بعينها من أخواتها هو ضرب من التعسف، مالم يقم عليه دليل.

(١) دفاع عن القرآن، ص ٢٨.


الصفحة التالية
Icon