لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ}. الآية إلا حين سأل اليهود النبي ﷺ عن صاحبه الذي ينزل عليه بالوحي قال: جبريل. قالوا: فإنه عدو لنا ولا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال، فنزلت الآية.
فكون الاسم لم يرد في القرآن إلا في أوائل الفترة المدنية لا يعني أن الله تعالى هو الذي كان يوحي إلى النبي مباشرة كما زعم الكاتب. على أن الإسم لم يرد في القرآن إلا في مناسبتين فقط. هذه المناسبة التي رد فيها على اليهود، ومرة أخرى في سورة التحريم الآية ٤ في موضع المحبة للنبي والاستعداد لتأييده ونصرته حتى في مواجهة أقرب الأقربين إليه وهن زوجاته (١). ومن ثم فإن الملك الذي أبلغ الوحي كان معروفاً للنبي قريباً منه، ويصبح التعلل بتأخير ورود اسمه في التنزيل أمر لا طائل وراءه.
أما ما قاله الكاتب من أن القرآن لم يذكر أن الملائكة وسطاء للوحي، فيكفي أن نستشهد بالآية الأولى من سورة فاطر المكية: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً﴾ وبالآية (٧٥) من سورة الحج (مدنية) :﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ﴾ وللدلالة على أن جبريل من الملائكة ما جاء في وصفه بالآية (١٩) من سورة التكوير ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ فهو إذن رسول من الملائكة الذين يصطفيهم الله.
ثم إن الآية التي يشير إليها الكاتب: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ إنما هي تصريح بأن جبريل نزل بالقرآن كله مكية ومدنية.

(١) وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ".


الصفحة التالية
Icon