الكتاب، وإنما هو قد أنسي آيات تتضمن أحكاماً وأوتي آيات خيراً منها، أما نسيان الرسول ﷺ - باعتباره بشراً يصيبه النسيان - فقد ضمن الله تعالى أن ينحيه عن الوحي منذ الوهلة الأولى في السور المبكرة بالفترة المكية، يقول تعالى في سورة الأعلى (سنقرئك فلا تنسى) (١).
كما أن الأمر لو كان متعلقاً بنسيان الرسول ﷺ – كما يزعم الكاتب - لما كانت هناك حاجة إلى الإتيان بآيات أخرى بدل التي نسيها، ولما كان هناك ناسخ ومنسوخ.
والله عليم بما يصلح للبشر من المبادئ والشرائع، فإذا بدل آية استنفدت أغراضها ليأتي بآية أصلح للحالة الجديدة التي صارت إليها الأمة وأصلح للبقاء أمد الدهر فالشأن له (٢)، فإذا كان الله - عز وجل - قد بدل بعض الأجزاء - كما يقول الكاتب – ووضع مكانها أجزاء أفضل أو أحسن فالأمر له، ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن القرآن الكريم قد نزل منجماً وأن من أهم المباحث التي عكف عليها المسلمون - بل وحتى المستشرقون - مبحث آيات الأحكام والتطور الذي لحق ببعضها خلال فترة نزول القرآن.
ولعل السبب الذي دفع علماء المسلمين إلى ترتيب سور القرآن الكريم حسب النزول منذ وفاة الرسول ﷺ هو محاولتهم معرفة الناسخ والمنسوخ، الذي أصبح منذ القرون الأولى للإسلام علماً ينطوى على
(٢) سيد قطب، أيضاً: ٤: ١٩٤.