وقرأت ثم قرأت لأفتش عن هذه الحقيقة : هل القراءة التي ردها الطبري كانت متواترة في نظره، ثم قام بعد ذلك بردها فيكون قد ارتكب إثمًا محققًا ؟، قلت في نفسي ما أظن ذلك بل أعتقد خلاف ذلك ؛ لأنني تتبعت موقف الطبري في القراءات فوجدت إجلالاً لها منه، فلا يحيد عن الصحيح منها حسب نظره، لذا جزمت بأن الطبري لم يحكم بتواترها ثم ردها، بل هو موقن بضعفها، وهذا خطأ يمكن أن نحمله مسؤولية التقصير فيه، وأجلت النظر في تفسيره، فلم أجد لقولي دليلاً محسوسًا، بل هو استنباط واستنتاج، ولكنني جزمت بأن في كتابه " المفقود " " الجامع " في علم القراءات ما يفيد هذا، وأن فيه الأسرار الكامنة في موقفه من القراء السبعة أصحاب القراءات المتواترة، إذ هم متقدمون عليه، وفيه السر الكامن في طعنه لقراءات ابن عامر بالذات.
" أقول جزمت بأن السر كامن في كتابه المفقود لأنني تتبعت تفسيره فلم أجد لهذه الظاهرة تفسيرًا.. ".
وأنقذني الله من حيرةٍ طالت ووجدت ضالتي المنشودة فيما نقله السخاوي عنه ـ وما أظن أن ما نقله إلاّ أنه اطلع على كتاب الطبري " الجامع في القراءات ".. يقول السخاوي في كتابه عن القراءات في الورقة رقم ١٠٠ وأثبت هذا بحروفه وكلماته دون تصرف :" وقد تكلم محمد بن جرير الطبري في قراءة ابن عامر رحمه الله واتبعه الناس على ذلك، ولم يسبقه أحد إلى تصنيف( لعلها تضعيف ) قراءة هؤلاء السبعة "
وقد تكلم محمد بن جرير الطبري في قراءة ابن عامر ـ رحمه الله ـ فقال :" وقد زعم بعضهم أن عبد الله بن عامر أخذ قراءته عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وعليه قرأ القرآن، وأن المغيرة قرأ على عثمان بن عفان ".


الصفحة التالية
Icon