الضَّربُ الثَّانِي : مَنْ يُخاطَبُ بِالتَّبَرّؤِ مِمَّا هوَ عليهِ نَحوَ :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ (١) إِلَى آخِرِها. فَأُمَرَ النَّبِيُّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يُخاطِبَهُم بأنَّهُ مُتَبَرِّئٌ منهُم وممَّا يعبدونَ. فكانَت هذهِ السُّورَةُ رُبعَ القُرآنِ بهذا الاعتِبارِ.
خاتمة
قولُنا : هذهِ السُّورةُ تَعدِلُ نِصفَ القُرآنَ أو ثُلُثَهُ أو رُبعَهُ ؛ يُحتَمَلُ :
١ـ أَنَّهَا تعدُلُهُ في أجرِ قِراءَتِه.
٢ـ ويُحتَمَلُ : أَنَّهَا تعدُلُهُ في اقتِسامِ مَضمونِهِ.
وقد أَشَرنا إلى الاحتِمالَينِ جَميعاً، واللهُ عَزَّ وَجَلَّ أعلمُ بالصَّواب.

فصل


وَرَدَت السُّنّةُ :
بِتَأكيدِ أَمرِ القَلاقِلِ ؛ وهي : سُورَةُ الكافِرونَ والإِخلاصُ والفَلَقُ والنَّاسُ.
وتَأكيدِ أَمرِ الْمُعَوِّذاتِ ؛ وهي : الثَّلاثُ الأُخَرِ.
وقد تَكَلَّمْنا على الأَوَّلَينِ ؛ فَلنَتَكَلَّمُ على الأُخرَيَيْنِ :
وإِنَّما سُمِّيَت هذهِ بِـ(المعَوِّذاتِ) - بِكَسرِ الواوِ - لأنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أنزَلَها مُعَوِّذاتٌ لِنَبِيِّهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَحَرَهُ لَبيدُ بنُ الأَعصَمِ اليَهودِيِّ - وَلِيُعَوِّذَ بهُما أمّتَهُ. وإنْ كانَ لسورَةِ الإخلاصِ سَبَبٌ آخَرَ.
وَالكَلامُ فِي نُكَتٍ :
o إِحداهُنَّ :[ الصِّفاتُ ] :
لما كانَت الصِّفاتُ تابِعَةً للذَّاتِ، كان اسمُ الذَّاتِ مُقَدَّماً على الصِّفاتِ، وسورَةُ الإخلاصِ مُشتملةٌ على اسمِ الذَّاتِ، فلذلكَ قد قُدِّمَتْ في التَّعَوُّذِ على سُورةِ الفَلَقِ والنَّاسِ لاشتِمالِهِما على أسماءِ الصِّفاتِ نحوَ :(رَبُّ الفَلَقِ) وَ (رَبُّ النَّاسِ) و(مَلِكُ النَّاسِ).
o الثَّانِيةُ :[ تَفسيرُ سُورَةِ الفَلَقِ ] :
(١) سُورَةُ الكافرون : ١-٢.


الصفحة التالية
Icon