الكلام على قوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا.)
قال تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ أي: فاقتصروا على الواحدة، وقوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يعني: عندكم إماء، وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى﴾ أي: أقرب، وقوله تعالى: ﴿أَلَّا تَعُولُوا﴾، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أي: اقتصروا على الواحدة أو ما ملكت أيمانكم حتى لا تكثر عيالكم فتصابوا بالفقر، واستدل على أن معنى العيلة الفقر بقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ [الضحى: ٨]، واستدل بلامية أبي طالب، وبقول الشاعر: وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل والجمهور ومنهم ابن القيم قالوا: إنه لو كان الاقتصار على الواحدة خشية كثرة العيال -كما ذكر- لأمرنا الله تعالى بالاقتصار على واحدة أيضاً مما ملكت اليمين! فكيف يقول: إن العلة كثرة العيال، والله تعالى يبيح لنا في نفس الآية أن نمتلك أكثر من ألف أمة، وكل هؤلاء الإماء محل للإنجاب؟! فلو كانت العلة كثرة العيال لقصرنا الله تعالى في ملك اليمين على واحدة.
وأيضاً النبي ﷺ قال: (تكاثروا فإني مباه بكم الأمم)، والآية مصدرة بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ وعليه فيقال: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ أي: أدنى إلى ألا تجوروا، حتى تقابل العدل، أي: إن كنت خائفاً أنك ما تعدل فتزوج واحدة بس حتى لا تقع في مسألة عدم العدل، واستشهدوا بقول أبي طالب في لاميته: بميزان قسط لا يخيس شعيرة له شاهد من نفسه غير عائل أي: غير مائل، أو غير جائر.
والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.