المراد بالكوثر
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد: فيقول الله سبحانه: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ١-٣] هذا الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما المراد بالكوثر؟ من العلماء من فسر الكوثر بتفسير خاص، ومنهم من فسره بتفسير عام، وثبت عن النبي ﷺ أنه قال: (الكوثر نهر أعطانيه ربي عز وجل)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما الكوثر؟ إنه نهر أعطانيه ربي عز وجل)، وثبت أيضاً عن النبي ﷺ أنه فسر الكوثر بحوضه صلى الله عليه وسلم، فلرسول الله حوض (ماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وآنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً)، وقد ورد عن رسول الله ﷺ للكوثر تفسيران: التفسير الأول: أن الكوثر هو نهر.
التفسير الثاني: أن الكوثر هو حوض للنبي صلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة للأحاديث التي أثبتت الحوض لرسول الله ﷺ فهي أحاديث متواترة، جاءت من عدة طرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأحاديث المتواترة أصح الأحاديث على الإطلاق، فحديث الحوض من الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن العلماء من جمع بين القولين: أن الكوثر هو الحوض، وأن الكوثر هو النهر، وقالوا: هو نهر يصب في الحوض.
وورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (الكوثر هو الخير الكثير الذي أعطاه الله للنبي صلى الله عليه وسلم، فقيل لـ سعيد بن جبير الراوي عن ابن عباس: إنه روي عن النبي ﷺ أنه قال: (إن الكوثر هو الحوض)، قال: الحوض من الخير الكثير الذي أعطاه الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم).
فـ ابن عباس يرى التفسير بالأعم، فالخير الكثير يدخل فيه الحوض، والنهر، ويدخل فيه القرآن الذي آتاه الله للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والمقام المحمود والشفاعة العظمى، ويدخل فيه كونه ﷺ خاتم النبيين، وسيد ولد آدم، وكون أمته ﷺ خير أمة أخرجت للناس، وكون أمته شهيدة على سائر الأمم، فكل المناصب التي أعطاها الله للنبي ﷺ تدخل في الكوثر.