تفسير قوله تعالى: (ولهديناهم صراطاً مستقيماً.)
((وَإِذًا)) : إذا ثبتوا وعملوا المأمور به ﴿لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا﴾ * ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾.
في قوله تعالى: ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ الهداية هنا ترتبت على فعل المأمور به، إذا فعلوا المأمور به هديناهم صراطاً مستقيماً، فأفعالهم كانت سبباً لمزيد من الهداية لهم، وهي كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ﴾ [محمد: ١٧]، فالذي يلمس ويلتمس ويبتغي طريق الهداية، ويبحث عنها يزيده الله تبارك وتعالى هداية، والذي يسلك طريق الغواية كذلك، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: (ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاًَ، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً) الشاهد أن قوله تعالى: ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ رتب على أعمال عملوها، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ ﴿وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا﴾ ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾.
فالهداية أصلها من الله كما قال تعالى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣] لكن هناك أسباب يسلكها العبد بها ينال هداية الله عز وجل له.
((وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا)) أي: طريقاً ((مُسْتَقِيمًا)).