تفسير قوله تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض)
فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٠١].
هذه الآية أصل القصر في السفر، فقوله: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ﴾ [النساء: ١٠١] أي: سافرتم، ومنه قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ﴾ [المزمل: ٢٠] أي: يسافرون.
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ﴾ [آل عمران: ١٥٦] أي: سافروا.
فقوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ﴾ [النساء: ١٠١] أي: وإذا سافرتم، ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ [النساء: ١٠١] الجناح المراد به: الإثم، ومعنى الآية: وإذا سافرتم فليس عليكم إثم إذا قصرتم الصلاة.
﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾ [النساء: ١٠١] (من) هل المراد بها للتبعيض، أي: من بعض الصلوات؟ أو المراد: تنقصون الصلاة من أربع إلى اثنتين؛ لأن بعض الصلوات ليس فيها قصر كصلاة الصبح وصلاة المغرب؟ فلقائل أن يقول: ليس عليكم جناح أن تقصروا من بعض الصلوات، وهي صلاة الظهر والعصر والعشاء، أما سائر الصلوات فتصلى كما هي.
ولقائل أن يقول: ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة التي هي أربع، فتصلوها ركعتين، وهذا واضح.
فـ (تقصروا من الصلاة)، هل هي من الخمس الصلوات تقصرون في بعضها، أو (تقصروا من الصلاة)، أي: من الصلاة الرباعية إلى ركعتين؟ الأخير أظهر، والله أعلم.