اتفاق الإخوة على إلقاء يوسف في الجب
قالوا: ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾، أي: يقبل عليكم أبوكم بوجهه، ﴿وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ﴾، أي: من أهل الصلاح والتقوى.
﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ [يوسف: ١٠]، والذي حمله على قوله: (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) ؟ هو الله سبحانه، فالله غالب على أمره، فهو سبحانه وتعالى الذي يصرف السوء عن عباده، ومن العلماء من يقول: إن القائل هو أخوهم الأكبر، وليس ثم دليل على ذلك ولا على نفيه، وإنما ذكر ربنا: (قَالَ قَائِلٌ)، فالتكلف قد نهينا عنه، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: ٨٦]، فليس لنا أن نتكلف ونؤول ونتجشم المشاق حتى نحرر القول في هذا القائل من هو، هل هو الأكبر أو الأوسط أو غير ذلك؟ ﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ﴾ [يوسف: ١٠]، قال فريق من أهل العلم: أي: في أسفل الجب، والجب هو البئر كما هو معلوم.
﴿يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [يوسف: ١٠]، فكأنهم اتفقوا على هذا الرأي، بل قد اتفقوا عليه؛ لما سيفهم من السياق، ودل سياق الكتاب العزيز أنهم اتفقوا فيما بينهم على أن يلقوه في غيابة الجب.


الصفحة التالية
Icon